القائمة الرئيسية

الصفحات

متلازمة الفنان التائه ... و كيف تخرج منها ؟ ( 1/2 )

إلى كل فنان حائر من فضلك اقرأ هذا المقال

عزيزى القارىء اذا كنت فنان حائر و تقول لنفسك هذة العبارة بين الحين و الاخر و انت تخبط راسك فى الحائط " انا فنان و متاكد من ذلك و لكنى لا اعرف بالتحديد ما هو نوع الفن الذى ارغب بالقيام به " فانت فى المكان الصحيح, و اسمح لى ان اخبرك بانى احمل لك خبرين احدهما سيئ و الاخر جيد


اما الخبر السيئ فهو انك بعيد للغاية عن مرحلة النضج الفنى و التى يلمع عندها اى فنان و يشعر معها باحاسيس كالاكتفاء و الثقة و النجاح الحقيقى و وضوح الطريق, و انا بالمناسبة لا اعيب على من هم فى هذة المرحلة فقد كنت احد هؤلاء الفنانين بالفعل, و اما الخبر الجيد فهو انه يوجد بالفعل طريق للخروج من هذة الحيرة او التخبط الذى تعانى منهما, و انا قد استخدمت هذا الحل و اختبرته, فالامر لا يقتصر فقط على انى فهمته نظريا, و انما الامر نجح بالتطبيق و الممارسة ففهمته عمليا ايضا, و هذا بالمناسبة ما ارغب فى ان اوصيك به و بشدة حتى ينجح الامر معك انت ايضا و تخرج من هذة الحيرة كما حدث معى بفضل الله, لذا اوصيك بشدة بالتطبيق 


دعنا الاول نتفق على ان الفنان لكى تتضح رؤيته ويستطيع ان يمسك بداية الطريق عليه ان يفعل اشياء كثيرة, و هذا بالفعل ما حدث لى, غير انى لن استطيع ان اسرد عليك كل ما قمت به, فمن ناحية لا اريد ان يطول المقال اكثر من اللازم حيث لا يتسع المجال لذلك, و من ناحية اخرى فانا ارغب من خلال هذا المقال ان اركز على السبب الاهم و الذى كان له الاثر الاكبر فى وصولى الى معرفة ما ارغب حقاً فى القيام به كفنان

لذا فلنبدا بالقول بان ما يجعلك فنان ناجح هو مدى اتساق فنك, فكلما كان ما تقدمه متسقاً اكثر تعرفت على نفسك اكثر و بالتالى وصلت الى النجاح ( أياً كان ما تعنيه لك كلمة النجاح ) كفنان بشكل اسرع, دعنى اوضح لك كلامى من خلال هذا المثال البسيط قبل ان اكشف لك بعض الاسرار, تخيل انك كمتفرج دخلت الى احد معارض الفن التشكيلى لاحد الفنانين و وجدت اعماله كالآتى لوحة بورتريه لفنان مشهور تم تنفيذها بالرصاص على ورق و رسمة اخرى كاريكاتير بالالوان المائية ثم لوحة بالوان الزيت لمنظر طبيعى و اخرى بالفحم لاحد الحيوانات و ليكن مثلا حصاناً, اخبرنى الان ما هو شعورك تجاه فنان معرضه بهذا الشكل, انا عن نفسى لو كنت مكانك لاستطعت على الفور ان اُميّز ان هذا الفنان مشتت بشكل كبير و لم يجد طريقه بعد مما سيجعلنى غير مقتنع به و بجملة اعماله, اسمعك تقول نعم هذة هى المشكلة و التى اعرفها بالفعل و لكن اين الحل, اذا اردت ان تعرف الحل فتعال معى ننظر الى المشكلة عن كثب و نحللها لنجدها تنقسم الى ثلاث عناصر تفتقد الى الاتساق او الوحدة كما اسلفنا, و هذة العناصر هى :



العنصر الاول وحدة الادوات 

افترض ان احد العملاء جاء اليك طالبا منك ان ترسم له صورة لاحد الاشخاص, كفنان محترف يجب ان تكون لك أدواتك و خاماتك المحددة و التى قد اختبرتها و عملت بها مراراً و تكراراً حتى اصبحت تحترف العمل بها و من ثمَ تشرع فى تنفيذ طلب العميل فوراً و بمنتهى الثقة, فلا مجال هنا للتجربة اذا كنت بصدد تسليم عمل تم الاتفاق عليه الى احد العملاء او حتى إقامة معرض خاص بك و بافكارك الشخصية, بل انه من الافضل ان ياتيك العملاء خصيصاً لانك معروف انك احسن من يقوم باستخدام الوان الباستيل مثلا, لاحظ انه لا يهم نوع الخامات التى احترفت العمل بها سواء كان رصاص, فحم, الوان زيت او باستيل او حتى طريقة جديدة من ابتكارك عن طريق مزج الادوات و الخامات المختلفة, و لكن المهم ان تكون ثابتة و لا تتغير باستمرار او على فترات قصيرة و ايضاً يجب ان تشعر معها بالثقة و تستطيع من خلالها ان تخرج نتائج مضمونة و بالطبع يُستحسن بل و من الضرورى ان تحب نوع الادوات التى تستخدمها, فخلاصة النقطة الاولى هى ( حتمية ان يكون لك عملية انتاج فنى واحدة  بادوات و خطوات محددة تعمل معها باحترافية )


لوحة من اعمالى

العنصر الثانى وحدة النمط أو الاسلوب

المقصود بالنمط هو الاسلوب او طريقة الرسم و هو اتجاه فكرى بالاساس و ليس عنصر مادى كالخطوة السابقة كما لعلك لاحظت, و هو ايضاً قد يكون غير واضح لك فى البداية لذا عليك اكتشافه بالتجريب المثابر, فانماط او انواع الفن كثيرة و متعددة كالنمط الاكاديمى, الكاريكاتير, الكوميكس, التكعيبية, السيريالية او يمكنك حتى ان تبتكر نمط جديد خاص بك وحدك و يصبح مع الوقت كعلامة دلالية يعرفك بها على الفور كل من يرى اعمالك, فلا تضع على اختياراتك اى حدود عقلية و التى قد تتكون نتيجة بعض الاراء الخاطئة او السلبية من بعض الاشخاص عما يمكنك او لا يمكنك القيام به, بل اتبع قلبك فى هذة النقطة بالذات الى اقصى حد ممكن, فنصيحتى الثانية لك هى " ان تختار نمط محدد بناءً على حبك و اقتناعك بممارسة هذا النمط و احساسك بانه يعبر عن شخصيتك و  الالتزام به


لوحة للفنان رمبرانت

العنصر الثالث و الاخير وحدة الموضوع

وحدة الموضوع هو اقلهم اهمية و ان كان الالتزام به افضل من عدمه و سوف اشرح هذا لاحقا, و لكن دعنى اوضح اولا ان وحدة الموضوع هو تناولك لعنصر رئيسى لا يتغير و ان يكون هذا العنصر متصدراً بطولة المشهد فى جميع لوحاتك, و افضل طريقة لاختيار مواضيعك هى ان تختار الاشياء التى طالما احببتها بشكل شخصى حتى بغض النظر عن ممارستك للفن, فهب انك تحب السيارات مثلا اذاً ابدأ فى رسم مواضيع عن السيارات, و اذا كان شغفك الاساسى بالطعام فبالمِثل ارسم لوحاتك عن المأكولات او الحيوانات او البحر او رياضة معينة او حتى قضية فكرية او فلسفية غير مجسدة كالبحث عن السعادة مثلا و هكذا " اياً كان الموضوع الذى تحبه اجعله ثابت و وظّفه دائما فى لوحاتك ", اما بالنسبة لكون وحدة الموضوع اقلهم اهمية فأود ان اوضح لك ان تناولك لمواضيع مختلفة فى لوحاتك و عدم المحافظة على وحدة الموضوع هو شىء يمكن تجاوزه و لن يقلل ذلك من قيمة اعمالك فى نظر الجمهور و لكن فى نفس الوقت الالتزام به سيظهرك كفنان له عشق خاص او اختيارات بعينها مما سيرتقى بك و بقيمة اعمالك بشكل مختلف فى اعين جمهورك, كما يمكن ان يجذب اليك اعمال خاصة بالشىء الذى تخصصت فى رسمه كأن تُوكّل اليك احدى شركات السيارات مثلا اعمال فنية خاصة بها نظراً لتخصصك فى رسم السيارات

عزيزى القارىء مع نهاية الجزء الاول أتمنى ان تكون استفدت من المقال و نلتقى على خير فى الجزء الثانى من هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات