القائمة الرئيسية

الصفحات

فنان مصرى يُبهر المخرج الامريكى ستيفن سبيلبيرج


المعركة.. الفصل الاول. "سپيلبيرج"..!

ايام الكلية .. كنت ـ بالرغم من جديتي في الدراسة و المشاريع ـ  عيل ثورجي و متمرد.. و ما كنتش فاهم اهمية اننا ندرس التراث .. و الحاجات القديمة دي...
فكنت دايما احتج لما اساتذتنا يطلبوا مننا اننا.. مثلا.. نصمم جدارية في الطراز المصري القديم من الدولة القديمة.. او من الاسرة ١٨..
طبعا كنت بانفذ المطلوب .. و مع الوقت اتعلمت احب الشغل الفرعوني و احترمه.. و اكتشفت.. من خلال العمل و التصميم.. جماله و اعجازاته ..
انما طبعا كانت حجتي "يعني.. مين يعني حا يطلب مني في المستقبل اني اصمم حاجة في الطراز الفرعوني .. يعني..؟؟؟"
و طبعا.. لما إشتغلت علي Prince of Egypt حسيت ان كل اساتذتي في الكلية .. بيضحكوا عليا و بيضربوني بالقفا.. زي صبي ميكانيكي عبيط.. مش عارف قيمة و اهمية مفتاح ١٣ !

فِلم أمير مصر الذى شارك فيه الفنان هانى المصرى
فِلم أمير مصر الذى شارك فيه الفنان هانى المصرى

ملحوظة : الفنان هانى المصرى كان عضو من فريق صناعة الفِلم الكرتونى أمير مصر

في الفترة الاولي .. اسبوع او اتنين من بداية الشغل.. قعدت ابص حولي و اشوف باقي الفريق بيعمل ايه.. عشان افهم و احدد الطريقة اللي حاشرح لهم بيها تفاصيل حضارتي و تاريخي.. علي الاقل من الناحية التشكيلية..
لاحظت اولا انهم متأثرين جدا بالشكل و النسب الروماني و الإغريقي .. اللي اقرب لحضارتهم.. بيستعملوا مثلا الرخام ـ مش الحجر ـ و قماش كتير .. حتي عند الناس الفقرا..
و كمان كانت الجماليات كلها حديثة جدا.. مش في نسب الحضارات القديمة...

فكانت خطواتي الاولي اني ادخّل خامات مختلفة ـ صحيحة ـ في التصميمات.. يعني تحولت مثلا الستاير علي شبابيك الفقرا.. و حتي بعض بيوت الطبقة المتوسطة .. من قماش .. للحصير .. حصير بردي سميك للفقرا.. و حصير مجدول بأناقة للمتيسرين .. نوعا ..
و طبعا.. لان الطقم اللي شغال كلهم فنانين جامدين .. جدا .. فهموا كلهم قصدي.. و ابتدوا يسألوا كل الأسئلة الملائمة..
"العجلة الحربية بتتبني ازاي ؟".. "إيه نسب الفخاريات..؟" .. "كانوا بيطحنوا القمح بإيه..؟" .. "كانوا بيستعملوا سيوف ولا خناجر.. ولا حِراب .. و شكل الدروع ايه.. ومصنوعة من ايه ؟؟"
الآف الأسئلة.. و انا بارسم ده كله .. بسرعة ٢٥٠ كيلو في الساعة..
و بعد شهر من الشغل المجنون .. و اللذيذ جدا.. ظهرت مقولة جديدة في الاستوديو : "كل الناس هنا شغالة علي الـ Prince... و هاني شغال على Egypt..!"

جانب من اعمال الفنان هانى المصرى أثناء التحضير لفِلم امير مصر
جانب من اعمال الفنان هانى المصرى أثناء التحضير لفِلم امير مصر

ملحوظة : يمكنك ان تلقى نظرة على اعمالى الفنية من هنا بهدف المشاهدة او الاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها

و بعد شهر كمان.. حضّرنا presentation كبيرة لأن "ستيڤن سپيلبيرج" كان حا ييجي يزورنا و يتطمن علي سير العمل.. و طبعا .. كان شغلي انا لوحدي حجمه ضخم بالمقارنة مع الناس التانية.. وطُلِب مني اني اقدمه بنفسي..

و في اليوم الموعود.. علقنا الشغل كله في قاعة كبيرة.. و دخل "سپيلبيرج" ببساطة مع "چيفري كاتسنبيرج" و قعد في المقدمة.. و معاه التلات مخرجين و المنتجة و المديرين الفنيين .. و مسؤلين الاستوري بورد.. و المحركين الأساسيين في الفيلم.. و ابتدينا نشرح له .. بالدور .. الشغل اللي عاملينه.. كل واحد و مسؤلياته.
و كان دوري في الآخر خالص .. نسبة لان شغلي كان واخد مساحة كبيرة..
و جت اللحظة.. و طبعا لو قولت لكم اني ما كنتش مرعوب .. ابقي باهرج !
آدي المصري المتواضع.. واقف قصاد عملاق الشاشة الأمريكية.. و صاحب كمية جوايز "أوسكار" بالهبل.. و بيشرح له شكل الفيلم بتاعه حا يبقي ايه...

و بعد دقايق.. و انا باوصف له كل تفاصيل الشغل.. بصيت له .. و حسيت انه زي اي واحد.. مبهور بجمال الأشياء .. و علي وشه نفس الإبتسامة اللي كانت بتبقي علي وش أي سائح في المتحف المصري اللي في التحرير.. نفس نظرة الإحترام قصاد الحضارة اللي علمت العالم إزاي يبقوا بني آدمين..

فاتشجعت.. و انا مستخبي ورا جمال تراثي .. في جلابية امي مصر..
فحكيت عن موقفي ايام الكلية.. و اتكلمت عن تفاصيل الحياة في مصر القديمة.. و عبقرية التصميمات و استعمال الخامات .. و شرحت الرسوم اللي كنت رسمتها بكل الحب و الشوق لبلادي البعيدة...
و الصالة كلها .. ترمي الإبرة.. ترن !

وجه سؤاله الأول : "و انت تعرف منين ان كل ده حقيقي.. و مطابق للتاريخ ؟"
فرديت بإبتسامة : " لأني من هناك..!"
فضحك و قال : "ايوة.. عارف.. انما الكلام ده من آلاف السنين..!"
فمديت ايدي للوحه كانت مركونة و وشها للحيط.. و قلبتها. و كان عليها صورة بورتيه تمثال شيخ البلد.. و جنبها نفس الصورة بس عليها الشنب و الدقن و النضارة.. و شبهي طبق الأصل..!
و قلت له و انا باصص في عينيه : "ما انا من هناك .. برضه!"
و إبتسم "سپيلبيرج" بذكاء.. و فهم.. و قام و قرب مني .. و مد ايده لدراعي.. و حسس عليه و قال بصوت عالي : "انا عمري ما شوفت مومياء محفوظة بالجودة دي !"
فإنفجرت القاعة كلها ضحك.. و دي كانت علامة موافقته علي الشغل.. و نهاية الجلسة.
طبعا.. مش كل السنة و نص اللي قضيتها في العمل .. بالظرف و البساطة دي !
ده كان بس.. الهدوء اللي بيسبق العاصفة !

إذا استمتعت بقراءة هذا المقال اظن انه سيكون من الممتع قراءة الجزء الثانى و الثالث و الرابع و من ثم الخامس و الاخير

بقلم الفنان الراحل / هانى المصرى

الفنان هانى المصرى



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات