مأساة التاجر و الفنان

بطريقة مستفزة و باطراف اصابعه أمسك لوحتى و اخذ يسالنى مفنداً اجزائها كأنه يشترى اى شىء الا قطعة فنية, بكم اشتريت هذا التوال ؟ و كم دفعت لقاء الاطار الخشبى الذى شددت عليه التوال ؟ و كم كلفتك الالوان التى استخدمتها فى الرسم ؟ ثم يجيب عن كل سؤال بنفسه بشكل متلاحق حتى لا يترك لى مساحة للاجابة مخمناً الاسعار ليعود و يسألنى, اذا لماذا تريد ان تبيع لى اللوحة بهذا السعر ؟

Albert Joseph Franke

الفقرة السابقة هى جزء من محادثة حقيقية حدثت بينى و بين احد تجار اللوحات, مع العلم انه لم يكن حتى سيدفع فيها اى مال, بل كان سيعرضها فى متجره فاذا تم بيعها أخذت حصتى و أخذ هو حصته و اذا بقيت يمكننى استعادتها, فى الحقيقة لا اتذكر كيف اجبته على سؤاله الاخير لكن على الارجح كانت اجابتى واهنة, مرتبكة و مختلطة بالالم الذى كنت اشعر به جراء عدم الفهم و التقدير الذى كان يمثل جوهر كلامه, خصوصاً و أنى كفنان الكلام ليس من أدوات صنعتى و لكنه جزء كبير من عمله كتاجر, جل ما اذكر من جملة حديثى معه انى و بصوت متوتر ضربت له مثل من خلال قصة كنت قد سمعتها عن احد الاشخاص الذى ذهب الى مصمم شعارات ليقوم بتصميم شعار لشركته الجديدة فما كان من المصمم الا ان اخذ اسم الشركة و نشاطها من المالك و غاب عشر دقائق ليعود بشعار ناجح و الذى حاز على منتهى الاعجاب من مالك الشركة و عندما سال الاخير عن السعر المطلوب و اجابه المصمم بان السعر 500 دولار تعجب المالك من السعر الكبير متسائلاً بدهشة, خمسمائة دولار من اجل عشر دقائق عمل ؟ فاجابة المصمم بان هذا المبلغ ليس فى مقابل العشرة دقائق التى استغرقها فى العمل بل مقابل عشرة اعوام قضاها من عمره ليتعلم كيف يصنع شعار ناجح فى عشر دقائق

لا اتذكر انى بعد ان فرغت من سرد قصتى هذة الى التاجر و الذى كان يستمع الى قصتى بنفاذ صبر و عدم اكتراث انه اقتنع بها او حتى استحسنها و هو الامر الذى لم يكن ليفعله ابداً, و انتهى الامر على ما اذكر بعد جدال و حنق انى قد تركت اللوحة عنده لبعض الوقت ثم استرديتها فيما بعد لانها لم تُباع مع جُملة اعمال اخرى لى كانت عنده و انهينا علاقة العمل فيما بيننا, الشاهد فى هذة القصة انها من ضمن احداث اخرى ساعدتنى فى الاجابة عن سؤال مهم لكل من اتخذ الفن احترافاً ألا و هو كيف تحدد اسعار اعمالك الفنية ؟

ملحوظة : يمكنك ان تلقى نظرة على اعمالى الفنية من هنا بهدف المشاهدة او الاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها

 أنا : هل انتهيت من حسبتك السخيفة ؟ لان عندى لك مفاجأة صغيرة, و هى انى لا اثمّن اعمالى بُناءً على ما دفعته فى الخامات و ليس ذنبى انك تحسبها بهذا الشكل و الذى لست مضطراً الى الالتزام به, بل انى حتى لا اثمنها بُناءً على الوقت و المجهود المبذول, هل تعلم كيف احسبها ؟ احسبها بالحماس و الشغف فى تصميم و ابداع الفكرة, احسبها برعايتى و اضافاتى المستمرة للفكرة الوليدة حتى تكبر و تصبح كيان كبير متماسك, احسبها بالمتعة التى اشعر بها اثناء العمل, احسبها بالتفانى و الاخلاص فى العمل, احسبها بالامانة و الاصرار على الوصول الى احسن ما يمكن الوصول اليه من خلال اعادة رسم نفس الشىء مرات و مرات حتى اصل لنتيجة مُرضية, احسبها بالتعلم المستمر الذى يساعدنى على تطوير عملى باستمرار, احسبها بانكفائة ظهرى على اللوحة وكأنها اهم شىء بالوجود, احسبها بتفكيرى المستمر بالعمل حتى و انا نائم و كأنه مركز العالم, احسبها بكم المشاعر التى اضخها عن عمد على سطح اللوحة, احسبها بسنوات الخبرة من عمرى و التى ادت بى الى الوصول الى ما انا عليه الان, احسبها بقدرتى على تحويل نبضات من دافع فكرى الى واقع مادى ملموس, و الان, هل منكم من يستطيع ان يخبرنى كم ثمن كل ذلك ؟