القائمة الرئيسية

الصفحات

فنان مصرى يواجه الصهاينة فى ديزنى


المعركة .. الفصل التاني... صهيونيات..!

كانت معمعة الشغل بتنقل علي الرابع...
و الي جانب الشغل.. كنت ابتديت اتعرف علي زملائي الجدد..
فنانين من كل انحاء العالم.. امريكا و انجلترا و فرنسا كانوا طبعا في المقدمة..
انما كمان ايطاليا و اليابان و البرازيل.. و روسيا و اوكرانيا و المجر و الجمهورية التشيكية .. و پولاندا و هولاندا و استراليا و نيوزيلاد.. حتي جنوب افريقيا و زيمبابوي .. و اتنين تلاته من إسرائيل.

ملحوظة : الفنان هانى المصرى كان يعمل من ضمن فريق فلم الرسوم المتحركة امير مصر فى شركة والت ديزنى و هو الفلم الذى يتكلم عنه فى هذا المقال و يمكنك قراءة المقال السابق فنان مصرى يبهر المخرج الامريكى ستيفن سبيلبرج حتى تتابع القصة بشكل افضل كما يمكنك بعد ذلك العودة الى هذا المقال ثم استكمالا للاحداث اذهب لقراءة المقال اللاحق فنان مصرى يكسب اول معاركه فى ديزنى ثم  قراءة مقال لقد خدعنا هذا الفنان المصرى ثم المقال الاخير من هنا


أحد اغلفة فلم أمير مصر

لدرجة اننا كنا علقنا خريطة كبيرة للعالم ـ بالتقسيمات السياسية و حدود الدول ـ في الطرقة قدام مدخل مطعم الشركة.. و كل واحد حاطت دبوس علي مدينته.. و للأسف الدبوس الوحيد في شمال افريقيا و العالم العربي كان الدبوس بتاعي.. اللي كنت نقِّيتُه كبير شوية و لزقت عليه علم مصر.. و غرسته ـ بمنتهي الفخر ـ شمال شرق القاهرة.. عند مصر الجديدة (هليوبوليس)..

و كان اكتر واحد باتعامل معاه هو مصمم الإنتاج production designer شاب من اصل پولندي إسمه "داريك جوجول" Darek Gogol و اكتر واحد كان فاهم لازمة  وجودي هنا... و حس ان شغلي بيسهل عليه مهامه.. و تسمح له انه يتفرغ للإجتماعات المنظمة لفريق العمل الأعلي..
و بسرعة بقينا اصحاب و بقينا نروح نتغدي سوي .. او نتقابل في الحوش نشرب قهوة و ندخن و نطلع بأفكار و نحل مشاكل... و نتبادل الحكايات و نتناقش في اي حاجة .. و كل حاجة..!

و حكي لي ازاي ساب پولاندا بعد ما إتخرج من مدرسة الفنون.. و راح انجلترا .. و إشتغل في المباني.. سباك و مبلط.. و نجار و حداد..سنوات كفاح.. لغاية ما جات له فرصة انه يقدم في فريق العمل بتاع "سپيلبيرج" للرسوم المتحركة في لندن..
و حكيت له عن رحلتي.. و سنوات القحط في نيويورك.. و بعدين "والت ديزني إيماچينيرنج" و مشواري هناك.. و اتكلمنا في الحضارة و الفن.. و عن مصر و تاريخها.. و ظروفها السياسية .. و فهم إني مش مجرد رسام او مصمم .. إنما كمان فاهم تاريخ.. و دارس كل اوجه حضارات العالم القديم و العصور الوسطي.. و علاقة شعوب المنطقة ببعض...

و كانت اي طلبات خاصة بالفيلم محتاجة تاخد اولوية علي شغلي المنتظم .. كانت بتوصلني عن طريقه..
و في يوم دخل مكتبي و قفل الباب.. و قال لي: "انا عارف موقفك كويس.. انما الإدارة عاوزة تحط تصميمات ليها اسقاطات سياسية في الفيلم.. و طالبين منك انك تشتغل عليها..!"
فحسيت بمغص خفيف.. زي اللي الواحد بيحس بيه قبل خناقة في الشارع.. و بصيت في عنيه و سألته بشكل مباشر: "اسقاطات سياسية زي ايه يعني ..؟"

ملحوظة : يمكنك ان تلقى نظرة على اعمالى الفنية من هنا بهدف المشاهدة او الاقتناء, و يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها

فلقيته حط عنيه في الارض و قال بصوت واطي: "عاوزين يعملوا توازي بين الحكم في مصر في فترة الفيلم.. يعني ايام سيتي الأول و رمسيس التاني.. و الحكم النازي في المانيا.. عارف..؟ يعني عشان محرقة اليهود و كده.. إنت عارف البوابة اللي في مدخل القصر اللي حا يعدي من تحتها فرعون في مشهد الحفلة..؟ عاوزين يحطوا فوقها نقش جداري ل "حورس" فارد جناحاته بشكل افقي.. زي النسر النازي..! و كمان عاوزين العساكر المصريين ..يمشوا بخطوة الوزة.. بتاعة عساكر هتلر..!"
وحسيت قلبي بيغوص بين ضلوعي.. المعركة إبتدت..بسرعة كده ..؟ طبعا.. متوقع ايه يعني..

الكلام ده كان تقريبا بعد شهرين و نص من بداية شغلي.. و كان بقي واضح للجميع اهمية وجودي لمصداقية الفيلم.. فكان المحركين ساعات كتير يسألوني عن الحركات المميزة للمصريين.. و رسامين الستوري بورد بيلجأوا لي في تصليح بعض المواقف.. او تفاصيل الحياة اليومية.. و حتي كتاب السكريبت بيستعلموا عن اسماء الآلهة و الأماكن.. الي آخر كل التفاصيل..

فقلت له بغضب: "إنت عارف ان ده غلط.. تاريخيا يعني.. نوع الفاشية دي ما كانتش موجودة عند المصريين.. ده أنا حتي مش مقتنع ان رمسيس التاني هو فرعون الخروج.. و احنا اتناقشنا في الكلام ده قبل كده.. إزاي يسمحوا لنفسهم بطلب زي ده..؟ إزاي عاوزينني أسب أجدادي و أشتم حضارتي؟"
فرد زميلي و هو محرج: "انا عارف ده كله.. إنما الطلب جاي من "كاتسنبيرج" شخصيا.. عاوزني أقول ايه لطقم الإدارة..؟"
فقلت لداريك من غير تردد: "علي جثتي..! روح قول لهم المصري بيقول "علي جثتي!" و قول لهم انهم لو مش عاجبهم .. يرفدوني.. حالا دلوقتي..! و يبقوا عارفين اني حاخرج من هنا علي الصحف عدل..! و ما افتكرش ان من مصلحتهم نوع الفضايح اللي حاعملها لهم ..!"
فبص لي داريك في عينايا و قرا فيهم نوع الإصرار اللي في عين المحارب اللي داخل معركة حياة او موت..!
فإبتسم و قال: "لو رفدوك.. انا كمان حامشي..! انا ما عنديش إستعداد أشيل الفيلم ده لوحدي.. و بصراحة .. ممكن الاقي شغل تاني..!"

و فجأة.. إختفي الشبح المخيف .. زي ما ظهر.. و تنازلت الإدارة..

انما.. انتشرت القصة في الاستوديو بسرعة.. و حسيت ان زملائي بيبصوا لي بإحترام اكتر.. و بتقدير و مودة...
أما الإدارة ..و طقم الإخراج و الإنتاج.. ففهموا إن من هنا و رايح إنهم مش حا يقدروا يحطوا الإسقاطات بتاعتهم بسهولة.. خصوصا في منطقة تخصصي.. و قرروا انهم يلتزموا بالنصوص الدينية.. اللي هي اصلا متحاملة علي مصر بالقدر الكافي.. و تظاهروا بأن تراجعهم ده دليل علي ديمقراطيتهم المتناهية.. و رُقِي مشاعرهم المتناهي...

انما كل ده ما دخلش عليا.. و فهمت ان الحرب دي فيها معارك تانية.. وانها مش حا تتأخر... و افتكرت مثل ستي المشهور:
 "قال يا مِسْتَنّي السَمْنة .. من بِزْ النمْلَة.. حُرْمِت عليك التقليَّة !"

بقلم الراحل / الفنان هانى المصرى
الفنان هانى المصرى
الفنان هانى المصرى


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات