القائمة الرئيسية

الصفحات


لا أعرف كيف انتهى بى الحال الى ان اجلس لاستمع الى هذة المحاضرة الغير مُجدية لاحد اساتذة كلية الفنون الجميلة, فعندما دخلت الى هذا المكان كان هدفى هو الاتفاق على ورشة لتعليم مبادىء الفنون سوف اقوم بتدريسها للطلبة, ثم وجدت نفسى جزء من حالة الفوضى التى تعم المكان و الشخص الذى يفترض بى ان اقابله كان ما زال مشغول فى اجتماع لذا وجب على الانتظار, و اثناء ذلك بدؤا فى إطفاء الانوار و بدأ البروجيكتور فى العمل بعد ان ظهر هذا الاستاذ ليعرض لنا بعض الصور عن اشهر اللوحات الفنية ثم يبدأ فى شرح بعض البديهيات التى لا طائل منها مع كل عمل فنى, حتى ظهرت لوحة الموناليزا و ما ان انتهى من شرحها حتى تطوع احد الجهابذة من الجالسين ليقول تلك المقولة التى بدى لى انها تنضح غبائاً لينسج حولها الخزعبلات بأن هذة اللوحة يُقال انه قد رسمها احد الفضائيين و لم ينسى اضافة الجملة الاكثر شيوعا بغباء يُحسد عليه و هى ان لوحة الموناليزا تجدها تنظر اليك من اى زاوية كنت واقفا فيها

لماذا الموناليزا ؟


و لكن و بغض النظر عن كل هذا الهُراء الم تتسائل يوما عزيزى القارىء لماذا الموناليزا هى العمل الفنى الاكثر شهرة فى العالم, هناك عدد من الأسباب وراء تلك الشهرة الدائمة لهذا العمل، وهي مجتمعة تخلق قصة رائعة صمدت عبر العصور, و لفهم سبب بقاء الموناليزا واحدة من أكثر الصور شهرة في عالم الفن ، علينا أن نلقي نظرة على تاريخها الغامض ومحاولات سرقتها الشهيرة وتقنيات الفن المبتكرة التى صُنعت بها

أصول الموناليزا

تم رسم الموناليزا على مدار عدة سنوات من قبل ليوناردو دافنشي الفنان الفلورنسي المتعدد الثقافات والفنان الذي ابتكر بعضًا من أكثر الأعمال شهرة في عصر النهضة, ولد ليوناردو دي سير بييرو دافنشي في عام 1452، وكان الابن غير الشرعي لأحد النبلاء، وعلى الرغم من قلة المعلومات حول طفولته إلا أن العلماء يعرفون أنه عندما كان شابًا تم تدريبه على يد فنان ونحات اسمه أندريا دي سيوني ديل فيروكيو, ابتكر العديد من القطع الفنية المتطورة على مدار حياته المهنية، وفي أوائل القرن الخامس عشر الميلادي بدأ العمل على ما أصبح يعرف باسم الموناليزا

على عكس العديد من الأعمال الفنية في ذلك الوقت لم يتم رسم لوحة الموناليزا على القماش و بدلاً من ذلك تم رسمها على لوح من خشب الحور, و يُعتقد عمومًا أن اللوحة هي لسيدة تُدعى (ليزا غيرارديني) زوجة تاجر حرير ثري يُدعى (فرانشيسكو ديل جيوكوندو) و كلمة مونا هي كلمة إيطالية تعنى السيدة أو سيدتى, ومن هنا جاءت تسمية الموناليزا و يُعتقد أن اللوحة كانت بتكليف من زوجها جيوكوندو لإحياء ذكرى ولادة الطفل الثاني للزوجين و على مر السنين كانت هناك نظريات مفادها أن ليزا غيرارديني لم تكن في الواقع النموذج في هذه اللوحة, وتكثر التكهنات بأن المرأة الغامضة في الصورة يمكن أن تكون واحدة من بين عشرات سيدات المجتمع في ذلك الوقت, حتى أن هناك نظرية شائعة مفادها أن الموناليزا هي نسخة مؤنثة من ليوناردو نفسه, ومع ذلك تشير ملاحظة كتبها أجوستينو فسبوتشي عام 1503 ، وهو كاتب إيطالي كان مساعدًا لنيكولو مكيافيلي، إلى أن ليوناردو أخبره بأنه كان يعمل بالفعل على لوحة لزوجة ديل جيوكوندو, بشكل عام يتفق مؤرخو الفن على أن الموناليزا هي بالفعل ليزا غيرارديني

يتفق العلماء أيضًا على أن ليوناردو ابتكر أكثر من نسخة واحدة من الموناليزا و من المحتمل أن تكون هناك نسخة ثانية بتكليف من جوليانو دي ميديشي في عام 1513 و يُعتقد أن نسخة ميديشي هي تلك المعلقة في متحف اللوفر اليوم

على عكس بعض الأعمال الفنية في القرن السادس عشر فإن الموناليزا هي صورة واقعية جدًا لإنسان حقيقي جدًا و يرجع ذلك إلى مهارة ليوناردو بالفرشاة واستخدامه لتقنيات فنية كانت جديدة ومثيرة خلال عصر النهضة حيث يُظهر وجه الشخص المرسوم بهدوء طريقة تعامل ليوناردو الماهرة بطريقة Sfumato وهي تقنية فنية تستخدم تدرجات دقيقة من الضوء والظل لنمذجة او تكوين الشكل, وتُظهر فهمه للجمجمة الموجودة أسفل الجلد و يكشف الحجاب المرسوم بدقة، والضفائر المصنوعة بدقة، والتقديم الدقيق للنسيج المطوي، ملاحظات ليوناردو المدروسة وصبره الذي لا ينضب

بالإضافة إلى استخدام طريقة Sfumato والتى نادرًا ما يتم العمل بها في ذلك الوقت، فإن المرأة في الصورة لها تعبير غامض على وجهها حيث تتغير ابتسامتها الناعمة في الحال اعتمادًا على الزاوية التي ينظر منها المشاهد بفضل الاختلافات في إدراك التردد المكاني داخل العين البشرية فتبدو مبتهجة من وجهة نظر ومن وجهة نظر أخرى لا يمكن للمشاهد معرفة ما إذا كانت سعيدة أم لا, و بفضل إتقان ليوناردو للإضاءة والظلال يبدو أن عيني المرأة تتبع المشاهد أينما كان و لم يكن ليوناردو أول من أبدع مظهرًا مفاده أن عيون الشخص تتابع الناس في جميع أنحاء الغرفة و لكن اتقانه للتجسيم الواقعى ادى الى هذة النتيجة التى يمكن ان تراها فى يومنا هذا من خلال الصور الفوتغرافيه, اليست تلك وجهة نظر ارقى و اكثر عمقا و فهما من ان تقول انها تنظر الى المتفرج من جميع الزوايا فضلا عن ان يقول احدا ما ان احد الكائنات الفضائية قد رسمتها

ملحوظة : يمكنك مشاهدة اعمالى الفنية من هنا لاقتناء الاعمال او نُسخ منها فى حالة عدم توفر الاصل, تواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او عبر مواقع التواصل المختلفة

السرقة الفنية الكبرى

لقرون عُلقت لوحة الموناليزا بهدوء في متحف اللوفر دون أن يلاحظها أحد بشكل خاص ولكن في 21 أغسطس 1911 سُرقت من على جدار المتحف في عملية سرقة هزت عالم الفن, يقول المؤلف سيمور ريت ، "دخل شخص ما إلى صالون كاريه ، ورفعها عن الحائط وخرج معها, سُرقت اللوحة صباح يوم الإثنين لكن الشيء المثير للاهتمام حولها أنه لم يدرك احد انها اختفت حتى ظهر يوم الثلاثاء "

  بمجرد اكتشاف السرقة أغلق متحف اللوفر لمدة أسبوع حتى يتمكن المحققون من تجميع اللغز, في البداية كانت نظريات المؤامرة موجودة في كل مكان مثل ان متحف اللوفر قد قام بالسرقة كعملية دعائية, ألقت الشرطة الفرنسية باللوم على متحف اللوفر في التراخي الأمني، في حين سخر متحف اللوفر علنًا من مسؤولي إنفاذ القانون لفشلهم في الكشف عن أي أدلة

بعد أكثر من عامين  في أواخر عام 1913 ، تلقى تاجر فنون فلورنسي يدعى ألفريدو جيري خطابًا من رجل ادعى أنه يمتلك اللوحة اتصل جيري على الفور بالشرطة التي سرعان ما اعتقلت فينسينزو بيروجيا و هو نجار إيطالي كان يعمل في متحف اللوفر وقت السرقة, اعترف بيروجيا أنه قام ببساطة برفع التحفة الفنية من الخطافات الأربعة التي علقت عليها و وضعها تحت سترة العمل و خرج ببساطة من باب المتحف, تم العثور على الموناليزا مخبأة بأمان بعيدًا عن بيته, كانت على بعد بضع بنايات فقط من المتحف, قال بيروجيا إنه سرق اللوحة لأنها تخص متحفًا إيطاليًا وليس متحفًا فرنسيًا, كانت هناك شائعات أيضًا أنه أخذها حتى يتمكن المزور من نسخها لبيعها في السوق السوداء

و عادت الموناليزا

بمجرد عودة لوحة الموناليزا إلى متحف اللوفر خرج الفرنسيون بأعداد كبيرة لرؤيتها وسرعان ما فعل ذلك أناس من جميع أنحاء العالم, و أصبحت اللوحة الصغيرة البسيطة لامرأة ربما تبتسم ذات ضجة كبيرة بين عشية وضحاها و اصبحت أشهر عمل فني في العالم

منذ سرقة عام 1913 كانت الموناليزا هدفًا لأنشطة تخريبية أخرى ففى عام  1956ألقى أحدهم بحمض على اللوحة، وفي هجوم آخر في نفس العام، ألقيت صخرة عليها مما تسبب في ضرر بسيط في المرفق الأيسر للموناليزا, في عام 2009 ألقى سائح روسي كوب من الفخار على اللوحة و لكن لم يحدث أي ضرر لأن الموناليزا كانت وراء الزجاج المضاد للرصاص

أثرت لوحة الموناليزا على عدد لا يحصى من الرسامين من معاصري ليوناردو إلى فناني اليوم المعاصرين, في القرون التي تلت إنشائها تم نسخ الموناليزا آلاف المرات من قبل فنانين من جميع أنحاء العالم حيث أخذ مارسيل دوشامب بطاقة بريدية للموناليزا وأضاف لها شاربًا ولحية صغيرة و قام فنانون حديثون آخرون مثل آندي وارهول وسلفادور دالي برسم نسخهم الخاصة عنها، وقد رسمها الفنانون بكل طريقة يمكن تصورها بما في ذلك ديناصور ووحيد القرن و وأضافوا لها النظارات الشمسية وآذان ميكي ماوس و العديد من الطرق الاخرى الساخرة او التى تعرض وجهة نظر ما

كم ثمن لوحة الموناليزا ؟

على الرغم من أنه من المستحيل وضع سعر بالدولار على لوحة عمرها 500 عام، إلا أنه يقدر أن الموناليزا تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار, و اخيرا اظن ان الموناليزا سوف تستمر بحصد المزيد من الشهرة لان هناك من يكتب المزيد من المقالات عنها مثل هذا المقال و هناك المزيد ممن يرغبون فى القراءة عنها مثلما تفعل انت الان عزيزى القارىء

بقلم / الفنان مروان جمال
الفنان مروان جمال
الفنان مروان جمال



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات