القائمة الرئيسية

الصفحات

يا فنان ... حوش الى وقع منك !

 

ذكريات المغامرة الامريكية : "البدايات" الحلقة الرابعة.


ملحوظة : يمكنك قراءة الحلقة الاولى من هنا و هناك سوف تجد بقية الحلقات بالتتابع


قبل ما أكمل.. احب اوضح لكم حاجة :

الحلقات دي مش مكتوبة و بانشرها في مواعيد علي مزاجي.. لا.. انا باكتبها واحدة واحدة.. و باحاول انها تدي لكم صورة عامة عن اللي حصل.. من غير ما احرق التفاصيل اللي حا تبقي في الكتاب .. ربنا يعطينا و يعطيكم طولة العمر… فبالراحة عليا.. ما تسربعونيش !


كمان.. إجترار الذكريات ده مش بالساهل.. و بيقلب علي الواحد مواجع كتيرة.. و ذكريات ممكن تكون ظريفة .. و ممكن تكون قاسية جدا.. و بعد سرد كام حلقة ساعات باحس وزن السنين علي كتافي و صدرى زي الحجر.. عشان كده بيقولوا "النسيان .. نعمة !" و ان الذاكرة سلاح ذو حدّين..!


مفاتيح السيارة


طيب.. نرجع للحكاية…


من الناس اللي قابلتهم في "سكوتش بلينز" فنان كوميكس امريكي مشهور جدا اسمه "فرانك ثورن" Frank Thorne قابلته "صدفة" - مافيش حاجة اسمها صدفة - في محل ادوات الرسم علي حدود المدينة مع المدينة اللي جنبنا .. "بلين فيلدز" Plainfields و اللي كانت اكبر كتير… يومها كنت باشتري شوية ادوات.. عشان كان بقي لي سنتين معتمد علي العدة اللي جايبها من مصر و كانت ابتدت تخسع.. و رحت اسأل الكاشير "الاقى فين سنون صلب للحبر الصيني ؟" و كان بيتكلم مع رجل معدي الستين.. شعره و دقنه طوال و بيض زي القطن… بس لابس ببساطة لبس شبابي.. چينز و تيشيرت و سويتر .. فسألني اذا كنت فنان.. فرديت اني "باحاول" فضحك و قال : "كلنا بنحاول.. بس انت باين عليك مش من هنا..!" فقلت له اني من مصر.. فانبسط قوي و قعد يمدح في الحضارة و التاريخ.. و بان عليه انه مثقف و فاهم ..


الفنان فرانك ثورن Frank Thorne
 الفنان فرانك ثورن Frank Thorne


و عزمني عنده في البيت.. و اتعرفت علي مراته و اولاده.. و كان لينا مناقشات كتير في مرسمه.. المهم.. بقينا اصحاب خالص.. و كنت دايما آخد رأيه في شغلي.. واتفرج علي مراحل شغله.. بصراحة.. رسام لا يشق له غبار ! ما هو "اللي مالوش كبير.. يشتريله كبير !" و حيث اني كنت بعيد عن الكبار بتوعي.. يبقي لازم العناية الإلهية تبعت لي كبير... بالمناسبة.. فرانك هو اللي خلق شخصية "سونيا الحمراء" Red Sonja اللي اتعمل عليها فيلم بنفس الاسم  ١٩٨٥ ( و لعبت دورها الممثلة النوريجية "بريچيت نيلسن" Brigitte Nielsen مع "ارنولد  شوارزنيجار" ) … ممكن تدوروا عليه في جوجل..!


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها


فرح فرانك جدا لما عرف اني حاروح أشتغل في "ايماچينيرنج".. زي ما فرحت البلد كلها.. و بقوا الناس يهنوني في الشارع.. يعني واحد من البلد الصغيرة دي رايح يشتغل في ديزني..!! و كأني مولود و متربي بينهم .. و انا اصلا بقي لي كلهم تلات سنين معاهم بس… و اصر فرانك انه يعمل حفلة وداع علي شرفي.. في بيته.. و عزم ناس من البلد و الناس اللي يعرفوني.. و كانت شغلانه جامده جدا… و فضلت علي اتصال بفرانك سنين طويلة .. و قبل ما ارجع مصر سنه ٢٠٠٥ .. بعت لي آخر كتبه و عليه اهداء جميل.. كهدية وداع…


و إتصلت بي "تيري" و قالت لي اني ما اعيلش هم حاجة من دلوقتي لغاية ما اوصل مكتبي.. و ان بتوع "القوي البشرية" حا يتولوا كل التفاصيل.. و حا تتأجر لي شقة مفروشة لغاية ما الاقى سكن.. و عربية إيجار.. لغاية ما اشتري عربية.. و بعتوا لي تذاكر السفر لنا احنا التلاتة.. و كمان بعتوا الناس بتوع "إيماچينيرنج" عربية نقل ضخمة .. سدت شارعنا الصغير.. عشان ينقلوا كراكيبنا.. لغاية كاليفورنيا… فأخدت ركن صغير قوي في العربية العملاقة.. اما "الدبابة" اللي حكيت عنها في الحلقات السابقة.. فركنتها في شارع جانبي.. و سيبت فيها المفاتيح و الرخصة .. و انا ماضي عليها.. بحيث تبقي هدية للي ياخدها.. و يقدر يسجلها بإسمه بسهولة…


و في يوم السبت ٢١ يوليو ١٩٩٠ الصبح… وصلنا "بارت" و مراته "پولا" بعربيتهم لمطار "نوارك" Newark في نيوچيرسي.. و ركبنا.. درجة أولي - لاول مرة - ذهاب فقط.. لغاية لوس انجلوس, و كانت دي آخر مره اشوف فيها "بارت".. الرجل النبيل و الاب الحاني.. اللي مات بعدها باربع سنين.. قبل ما تسمح له الايام انه ييجي يزورني في كاليفورنيا زي ما وعد.. و قبل ما اقدر اوفي الدين اللي حافضل شايله في رقبتي لغاية ما ارواحنا تتقابل… مات.. و كأنه كان مستني انه يخلص واجبه معايا.. و يوصلني مع مراتي و ابني.. لبر الامان.


و يوم الاتنين.. روحت مع مراتي و شريف إبنى ليوم مفتوح في "إيماچينيرنج" عاملينه لإستقبال عائلات العاملين.. و كان علي الباب "ميكي" في ملابس الساحر الصغير .. فجري شريف - و كان سنه ست سنين - و إترمي في حضنه و قال له: "انا من يوم ما شوفتك في فيلم "فانتازيا" و انا عارف اني حا اقابلك في يوم من الايام..!"


و تاني يوم استلمت شغلي و مكتبي في المبني الرئيسي Flower Street 1401 و اتعرفت علي كل الناس اللي حا يكونوا زمايلي بعد كده.. وعرفت بعد كده ان عدد الناس اللي حضروا المقابلات في نيويورك علي مدي اليومين .. كانوا حوالي ٨٩٥ واحد .. اختاروا منهم للإنترفيوهات في المرحلة التانية في كاليفورنيا حوالي ٢٢ واحد.. و اختاروا منهم في الآخر : ٤ .. ايوة.. اربعة .. انا - بسبب التنوع في اهتماماتي ده.. اللي كان جايبلي الكافية طول عمري - واحد منهم !


و عرفت كمان ان ده نظام الشغل في "إيماچينيرنج".. يتعمل شغل كتير .. و يتنقي منه بعناية كمية صغيرة جدا.. عشان يضمنوا الجودة العالية جدا.. و الغريب ان ماحدش بيزعل.. و اللي شغله ما بيتنقاش بيبقي عارف انه - علي الاقل - ساهم في الاختيار.. و اشترك في صناعة "الجودة" دي…


طبعا.. زورنا "ديزنيلاند" بس من وراء الكواليس .. عشان نفهم بتشتغل ازاي.. و الاضاءة منين.. و الخدع عاملة ازاي.. و التخطيط العام… و الممرات السرية.. مع شرح مستفيض لمواعد التعامل مع الجمهور.. اللي بنسميهم "ضيوف".. عشان تبقي المعاملة فيها اكبر كمية كرم ضيافة ممكنة..! و في نهاية الاسبوع اخدت عيلتي الصغيرة لديزيلاند .. لاول مرة.. طبعا شريف حصل له خورم في نافوخه.. وكانت زيارة جميلة.. و استمتعنا بيها لغاية اخر حاجة و هي الالعاب النارية الرهيبة اللي بتصاحبها الموسيقي كختام لليوم… و رجعنا ناخد العربية عشان نروح.. و ما لاقيتش سلسلة المفاتيح !!! طب مش بس مش حا نعرف نروح.. انما كمان فيها مفاتيح الشقة ..! و دي حا لاقيها فين دي دلوقتي.. دي ممكن تكون وقعت في اي حته.. و ديزنيلاند مساحتها ييجي ١٥ فدان.. و كمية ناس مهولة.. و الپاركنج مساحته قدهم .. وكمية عربيات مرعبة.. فطبعا قعدت اهرش في دماغي ! فلاقيت شريف بيقول لي: "بابا.. فيه ورقة تحت المسَّاحة !!!"


فتحت الورقة فلاقيت رسالة من الادارة بتقول : "الحاجة اللي بتدور عليها موجودة في مكتب المفقودات .. في المكان الفولاني من الشارع الرئيسي في المدينة" دول مش بس لقوا المفاتيح.. دول دوروا علي العربية.. و لقوها.. في وسط آلاف العربيات... ( لان السلسلة كان عليها ميدالية شركة ايجار العربية.. ) و كتبوا "الحاجة" عشان ابقي الوحيد اللي عارف هي ايه.. مش اي حد معدي يشوف الورقة تحت المساحة… طبعا بعدها بربع ساعة كنا سايقين للبيت في امان الله.. من غير اي مشاكل… ما كنتش قادر اعرف حاجيب منين نوع الانضباط و التفاني اللي يسمح لي اني ابقي عضو ناجح و محترم .. في شركة شغالة بالانضباط و التفاني ده ! و كأن ما حدث مجرد تنبيه.. يعني.. "ما تفتكرش انك عشان عديت تبقي جامد قوي.. دي ناس مش بتهزر.. و لسه عندك فرص للفشل.. !!!"


مسا التماسي !!


يمكنك المتابعة و قراءة الجزء الخامس من هنا 


بقلم الفنان الراحل / هانى المصرى


الفنان الراحل / هانى المصرى
 الفنان الراحل / هانى المصرى 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات