القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الحكاية دي غامقة شوية.. بس لازم نرمي شوية ضوء علي المناطق المظلمه بتاعتنا.. عشان نفهم.. و نقدر ننضف.. ما هو ما ينفعش ننضف في الضلمة…! مش كده.. و الا ايه..؟



الاول.. نحكي الحكاية زي ما هي.. و بعدين نقدر نقرر حجم المقشة.. و حجم الجاروف.. و حجم صفيحة الزبالة..! في سنة ٢٠٠٧ كان بقي لي سنتين في مصر.. و لسة مش عارف حاعمل ايه.. و اتعامل مع مين.. و ازاي… فقررت اني ادخل في اي شغل يتعرض عليا.. و اخوضه كتجربة تعليمية.. لاني كنت بعيد عن مصر في فترة اتغيرت فيها البلد تماما.. علي كل المستويات.. لدرجة اني كنت حاسس اني مش "هاجرت و رجعت".. انما "هاجرت مرتين !!"



و في يوم وصلني ايميل من ناس ما اعرفهمش.. شركة انجليزي.. في لندن.. و قالوا لي انهم عاوزينني في شغل.. في مشروع سياحي بين الجونة و الغردقة.. حاتقوم بيه شركة "الصوت و الضوء".. فلما سألتهم انتو بتعملوا ايه.. بعتوا لي رابط لموقعهم الالكتروني.. فاكتشفت انهم بيعملوا مشاريع معمارية.. مرتبطة بالثقافة و الآثار.. في كل حتة من العالم.. فسألت تاني طب و هو فيه آثار بين الغردقة و الجونة..؟ و ايه دخل الصوت و الضوء .. اللي بتنور المعابد والآثار.. و بيكم .. اللي بتبنوا متاحف .. و بالمنطقة الفاضية اللي بين المدينتين الساحليتين دول ؟



فشرحوا لي.. ان هيئة الصوت و الضوء.. عايزة تعمل مدينة ملاهي صغيرة .. علي مساحة ١٠ فدان.. عشان تقدم مصر للسواح اللي بيروحوا البحر الاحمر.. و اللي ممكن يقرروا انهم يقضوا وقت اطول في مدن مصر الاثرية.. و الثقافية.. لو فهموا اهميتها…! و لما استفسرت منهم عن كيفية حصولهم علي طريقة الاتصال بيا.. قالوا انهم.. اصلا.. حاولوا يلجأوا لشركة "والت ديزني ايماچينيرنج" عشان يصمموا لهم مدينة ملاهي ذات طابع خاص.. فلما الناس بتوع ديزني عرفوا ان المشروع في مصر.. قالوا لهم : "طب ما هو فيه واحد Imagineer في مصر اسمه هاني المصري.. و هو من المصممين اللي كنا حا نخليهم يشتغلوا علي المشروع ده.. لو كان لسه هنا.. انما حيث انه رجع بلده.. يبقي خلوا زيتكم في دقيقكم !"



التصميم الذى قام به الفنان هانى المصرى
التصميم الذى قام به الفنان هانى المصرى 




المهم.. وافقت اتعاون معاهم.. و بعتت لهم معلوماتي .. و السيرة الذاتية.. و قايمة المشاريع اللي اشتغلت عليها في ديزني.. عشان يضموها لملف الفريق.. و العرض اللي حا يقدموه لهيئة الصوت و الضوء.. علي اعتبار ان فيه شركات تانية منافسة.. و ان وجودي في الفريق ممكن يطبب كفتهم..! و لما سألت اذا كان مطلوب نعمل رسوم ابتدائية و نرفقها مع العرض.. قالوا ان العرض بسابقة الاعمال بس.. فقعدت انتظر اجتماع فتح المظاريف.. و قرار مجلس ادارة "هيئة الصوت و الضوء".. برئاسة… زاهي حواس !!! و كويس انه الكلام كله كان بالبريد الالكتروني.. عشان ما يشوفوش نظرة الامتعاض و القرف اللي علي وشي.. و لا جوز الفيران اللي ابتدوا يلعبوا في عبي !!!


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها



و في يوم.. بعدها باسبوع.. جالي ايميل استغاثة من مكتب الشركة في لندن.. قال ايه.. قال شركة من الشركات المنافسة.. قدمت اقتراحات مرسومة.. و ده ممكن يرجح عرضهم.. فلازم احنا كمان نقدم رسومات.. فبعت فورا رد قولت فيه اني علي اتم استعداد للعمل علي رسوم ابتدائية.. و طلبت منهم يبلغوني فكرة التصميم اللي المعماري الانجليزي عايزني احطه في الاعتبار.. علي اساس اني واخد علي شغل الفريق، و ما يصحش اشتغل من دماغي من غير استشارة المعماري..! 
فقالوا انه حا يبعت لي فكرة التصميم.. Concept في خلال اربع ايام.. واني بعد كده قدامي ١٨ يوم عشان اخلص الشغل… فقعدت مستني.. و انا باسن سناني علي اول شغل محترم في مصر.. في مجال ال Theme parks مدن الملاهي.. و بعد خمسة ايام.. وصلتني فكرة المعماري الالمعي : مجموعة كثبان رملية.. و خيام بدوية.. و كام نخلة.. و بس ! طبعا حسيت اني اخدت قفا.. ثقافيا يعني..!




و روحت رافع سماعة التليفون.. و مكلم مدير الشركة في لندن.. و بعد ما عرفت نفسي بلا سلام.. قولت له بصوت غاضب: "انتو اتجننتوا..؟ و الا قاصدين تشتمونا ؟ حد يعرف بلد هي اللي اخترعت العمارة.. و لها تاريخ اكتر من ٧٠٠٠ سنة من الابداع المعماري.. لسواح ما شافوهاش.. بشوية خيام بدو ؟ لو اصريتوا علي الفكرة دي.. انا شخصيا منسحب من المشروع.. و ما اقبلش الاستهانة بتراث مصر بالبجاحة دي..!" الراجل اتاخد شوية.. و فكر بسرعة.. و رد: "خلاص.. سيبك من الفكرة دي و شوف انت عاوز تعمل ايه.. و اعمله..! بس قدامك ١٥ يوم بس.. عشان نلحق نقدم الفكرة..!" فرديت: "١٤ يوم بس.. لان المعماري اتدلع يوم زيادة !" و قفلت المكالمة..


  

طبعا .. اسبوعين من الشغل.. ليل نهار.. لوحدي.. طلعت فيهم الفكرة اللي في الصورة اللي انتو شايفينها.. مدينة مملوكية / فاطمية.. فيها قاعات عرض.. و مطاعم اكلات شعبية و قومية من عصور مختلفة.. و صالات استماع للموسيقي التقليدية و الكلاسيكية العربية.. و محلات بيع المنتجات المحلية زي في خان الخليلي.. و المنتجات الريفية زي كرداسة و الحرانية.. في شوارع تفكرنا بمنطقة شارع المعز.. و منطقة الغورية.. و المدينة بتحيط بحصن روماني زي حصن بابليون في مصر القديمة .. جواه مسرح اغريقي زي الحاجات بتاعة اسكندرية.. و المسرح بيقدم عروض مصرية قديمة.. و كل التفاصيل.. لغاية المكاتب الادارية.. و المطابخ.. و الجزء المخصص لغرف تغيير الملابس..لأن كل اللي شغالين لازم يبقوا لابسين ملابس تاريخية.. و صالات طعام العمال و المضيفين.. و المطابخ الكبيرة اللي بتخدم مطاعم المدينة كلها.. وطبعا مكان انتظار السيارات.. و مدخل عليه تلات اعمدة من مختلف العصور المصرية ! و بعت لهم الرسم.. منه فيه مناظير توضيحية.. و قايمة عناصر المشروع.. و شرح للتفاصيل.. في لوحة واحدة…! و طول ما انا شغال.. مش قادر انسي القفا بتاع المعماري الانجليزي.. اللي وشه احمر .. علي راي عبد الحليم.. و عمال اسلي نفسي بقصيدة حافظ ابراهيم : "… وقف الخلق.. ينظرون جميعا.. كيف ابني.. قواعد المجد.. وحدي !"



و جه الخبر.. و اخدنا المشروع.. من بق الاسد..! انما .. يا ريتنا ما اخدناه.. !!! حاحكي لكم ليه… المرة الجاية…! وهنا .. ادرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح ..!


بقلم الفنان / هانى المصرى


ملحوظة : اذا استمتعت بقراء المقال يمكنك قراءة المزيد من المقالات للفنان هانى المصرى من هنا 




الفنان / هانى المصرى
الفنان / هانى المصرى

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات