القائمة الرئيسية

الصفحات

 



كُنّا قد أستأجرنا أحد العُمّال و أثنين من مُساعديه لتركيب بلاطات سيراميك لمنزلنا العامر, و نحن فى مصر نُطلق على صاحب هذة الحرفة لقب (مبلّط ), خلال فترة عمله كنت أتبادل معه بعض الاحاديث من وقت لآخر مما سمح له أن يسألنى فى إحدى المرات بعد أن شاهدنى أعمل على حاسوبى الخاص ( عندك أفلام حلوة ؟ ) و كانت تلك الجملة بداية حوار إتفقنا فيه أن يُحضر معه الفلاشة الخاصة به فى اليوم التالى على أن تكون مُعبّأة بالافلام ثم نتبادل الافلام فيما بيننا 


الفنان أحمد راتب فى مشهد من فيلم يا رب ولد
الفنان أحمد راتب فى مشهد من فيلم يا رب ولد 


و بالفعل و كما هو مُتفق عليه أحضر فلاشته أو اليو إس بى و بدأنا فى تنزيل الافلام التى أحضرها معه و كانت متنوعة ما بين أفلام عربية و أفلام أجنبية و من ضمن الافلام العربية كان هناك فيلم ( ألوان السما السبعة ) لـ الفنان فاروق الفيشاوى و الفنانة ليلى علوى و الفنان شريف رمزى, لفت نظرى هذا الفلم ربما لأنى كنت أرغب فى مشاهدته كلما كنت أشاهد إعلاناته على التلفاز, فقلت مُحدّثاً إياه بصوت به إحساس فرحة شخص كان يبحث عن شىء و أخيراً وجده ( إيه ده فلم ألوان السما السبعة ؟ !! )  فرد قائلاً بطريقة لن أنساها أبداً ( آه بس الفيلم ده عبيط ) و مهما حاولت ان أصف لكم بالكلمات كيف أن كلمة عبيط خرجت من فمه لتخترق أذنى بطريقة لم أسمعها من قبل و أظن أنى لن أسمعها من بعد فلن أستطع, فقد خرجت الكلمة و قد أخذ كل حرف من حروفها الاربعة حقه سواء على مستوى لغوى عميق أو على مستوى الاحساس, فقد شعرت ان كل حرف قد خرج من اعماق قلبه أولاً, رمقته بنظرة سريعة فى محاولة فاشلة منّى لأتبين ما وراء تلك الكلمة من خلال ملامح وجهه و لكن لم استطع لذلك سبيلا, فقط لاحظت أنه قد قطب جبينه و ذلك لم يكن كافياً بالطبع ليروى عطشى



تجاهلت الموضوع و قررت أن أشاهد ذلك الفلم بعد إنصرافه لعلى أستبين, و بالفعل ليلتها جلست أشاهد الفلم بتركيز واضح, و ها هو الفلم تجرى أحداثه و لا شىء مريب غير أنى لاحظت أن شريف رمزى كان يعمل ( مبلّط ) كمهنة صاحبنا, و لكن ماذا فى ذلك ؟ و ما الداعى لأن يشعر الرجل بهذا الالم ؟ هكذا سألت نفسى, حتى جاء ذلك المشهد الذى يتحدث فيه شريف رمزى مع فاروق الفيشاوى, فيقول شريف رمزى مُخاطبا فاروق الفيشاوى جملة فيما معناها حسب ما اتذكر ( أنا مثلا, بشتغل مبلّط, شغلانه مالهاش أى لازمة ) و هنا إتضح كل شىء دُفعة واحدة و أدركت مشاعر الرجل و السبب وراء قوله كلمة عبيط التى خرجت من أعماق مشاعره قبل أن تخرج من فمه 


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها



بالطبع لم يكن هذا هو المشهد الاول و لن يكون الاخير الذى يتم من خلاله التنمر على مهنة ما بهذا الشكل الفج و بشكل عام على كل من يمتهن تلك المهنة, سواء بإظهار ان قائل هذة الكلمات شخص شرير و متنمر كالمشهد المشهور للفنانة ميمى شكيب عندما كانت تُخاطب الفنان صلاح ذوالفقار فى أحد الافلام قائلة له ( يا ميكانيكى يا مشحّم يا مزيّت ) أو حتى بإغفال ذلك و وضع ذلك موضع الضحك و السخرية و كأن أحدهم يدس السم فى العسل حتى يجعل قطاع من الناس يشعرون بالدونية نحو أنفسهم كما جاء فى أحد الافلام على لسان الفنان طلعت زكريا و هو يسأل ساخراً ( عمرو دياب هيغنى فى فرح أنضف شخصية فيه منجد افرنجى ؟), تخيل معى الاحراج و الضيق الذى قد يشعر به شخص يمتهن تلك المهنة و قد جلس يشاهد هذا الفلم مع عائلته و بين ابنائه ليظهر أمامه هذا المشهد المُهين 



أنا كفنان بطبيعة الحال ألاحظ بعض السخرية من شكل الفنان التشكيلى فى بعض الافلام و الذى كان أبرزها من خلال الشخصية التى قام بتجسيدها الفنان احمد راتب فى فلم ( يا رب ولد ), بالطبع فى تلك الحالة الموضوع أخف وطئة من الامثلة السابقة و إن كان ما زال يكشف عن جهل واضح من طرف القائمين على العمل, و فى النهاية مقالى هذا هو مجرد دعوة لاحترام بعضنا البعض و عدم التنمر على المهن المختلفة التى يمتهنها أفراد البلد الواحد حتى لا تدفع أحدهم أن يصف عملك أو فكرك أنه (عبيط) و السلام ختام 


بقلم الفنان / مروان جمال 

و الان عزيزى القارىء بعد ان وصلت لنهاية المقال إسمح لى ان اطلب منك فضلاً و ليس امراً أن تدعمنى بفعل بسيط جدا لن يكلّفك شيئاً و لكنه سيساعدنى على الاستمرار فى تقديم هذا المحتوى و هو أن تضغط على احد الاعلانات الموجودة فى هذا الموقع 


الفنان / مروان جمال
الفنان / مروان جمال 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات