القائمة الرئيسية

الصفحات

سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 16 و الاخير

 

 

 

الإنكسار و الإنشطار
 

 ملحوظة : يمكنك قراءة الجزء الاول من هنا
 
 
1 / الإنكسار
 
 
امتلك الأستاذ ( ش م ) الأمور تماما فى السيطرة على مقدرات دفعتنا فى الصف الرابع بكل أسف، و أصبحت ( Z ) الأولى على الدفعة، بالرغم من ضعف مستواها الذى يعرفه الجميع، تحولت من 55 و 65 من مائة الى 95 و 98 من مائة ، وانحدرت درجات بعض المتفوقين اصلا من الدفعة، واصبحت علاقتها بـ ( ش م ) تزكم الأنوف و الكل يعلم تماما انه هو و آخر يقومون بعمل مشاريعها، واصبحت تتعامل مع زميلاتها فى الدفعة بتعالى بعد ان كانت تحاول التودد اليهم و تغير مظهرها تماما و لبسها و مكياجها وكل شئ، أما أنا فلم يعد يعنينى شئ فى درجاتى او تقديرهم لعملى، لا اعرف كيف استطعت قتل طموحى او السيطرة عليه بهذه الطريقة من بعد حادثة الدرجات المشينة فى الصف الثانى، يبدو ان انكسار وجدانى حينها بدأ معه تكسير طموحى قليلا قليلا، كلما زاد الظلم للدفعة خاصة بعد حادثة (هل سيصلب الحق من جديد) وعدم اهتمام القسم والكلية بالبحث فى اسباب هذا الإحتجاج والبحث فقط فيمن فعله، كل هذا كان يكسر جزء جديد من طموحى ويبنى جدار اللامبالاة به فى داخلى, و كان الحب الذى جمع بينى وبين “ ر “ كان البديل لكل ماحولى من عبث فكانت هى و عملى و اصحابى هم كل ما يهمنى فى الكلية.
 
 
 
وهبنى الله موهبة احمده عليها حمدا كبيرا جدا، و بنيت فوق موهبتى منذ اليوم الأول لدخولى الكلية مهارات جديدة كل يوم اضيف لنفسى شئ، بنيت متحفى و مكتبتى عن الفن و الفنانين فى عقلى و وجدانى من المطالعة النهمة و الترجمة و التسكع اغلب الوقت فى المتاحف و المعارض او فى لقاء فنانين كبار، فسكنوا فى عقلى ووجدانى، و خلق هذا فى عينى و بصيرتى مصفاه و فلتر يجعلنى اميز فورا الجيد من الغث، ما هو فن و ما هو اجتهاد او تقليد او تهريج، ودعمته بثقافات اخرى تزيد من افقه و تدعم بنيانه على قدر ما ستطعت من ادب و موسيقى كلاسيك و فنون السينما فكنا لا نشبع من حفلات الكونسير و لا عروض السينما لعظماء هذا الفن فى المركز الثقافى الإيطالى و السوفيتى او فى دور السينما لو هناك عرض مهم، يختلط هذا كله فى وجدانى و عينى ليخلق أمثلة عليا و رموز اتمنى ان اصل اليهم، فقد احسست بالمخرج الإيطالى فيلّينى فى بعض لوحاتى فى الكلية و احسست ببيتهوفين فى بعضها، سيطر شبح الفنان العظيم النرويجى مونش و المخرج السينمائى العظيم السويدى برجمان على الكثير منها، تسبب موديليانى لى فى تحدى لرقة خطوطه و عذوبة الوجدان بأبسط الخطوط و اصدقها، اتأمل لوحات سوتين و اتسائل كيف لهذه العجائن اللونية فى لوحاته التى تبدو و كأنها عفوية و بلا قيمة ان تأسرنى و اجد بعض منى فيها و أغير منها و كيف لفتى يموت وهو عمره 28 عاما فقط و يترك كل هذا الفن الجياش شديد القوة و الجراءة و الجمال، كيف فعلها ايجون شيلى بهذا التمرد و الحرية ان يخرج لوحات تتساوى فى تكويناتها مع لوحات استاذه العظيم كليمت شديد الدقة و التنظيم، مئات المسائل الذهنية و غيرها كانت هى ماتشغلنى طوال ايام الكلية و ليس عالم الدرجات و الترتيب .
 
 
 
لا اذكر يوما حتى وانا ترتيبى ربما الاول اننى اهتميت ان اعرف ترتيبى او تفاصيل درجاتى ابدا، ترتيبى هو رأى اساتذتى الذين اعرف مقدارهم و اثق فيهم و هو احساسى اننى افعل مايجب على فعله، لم اشغل نفسى ابدا طوال الكلية بإتحاد طلاب او رحلات او غيره، كل هذا جعلنى لا ابالى بما يحدث، فكما قلت كنت انا اول من لدغ من ( ش م )، و لا اعرف ماذا يتوقع الطالب او الفنان الموهوب مهما كانت عظمة موهبته ان يخرج لنا من فن لو لم يبنى لنفسه هذه الثقافة الفنية بروافدها و يطّلع على تاريخها و حاضرها ماذا سينتج ؟ سينتج رسم جيد جدا ينافس به زملائه او مايراه فى المعارض المنتشرة التى بلا قيمة فى اغلبها فمنها العظيم طبعا ولكنها اشبه بالدورى المحلى فقط.
 
 
 
البكالوريوس هى السنة الحاسمة، الجميع يفكر فى مشروع التخرج و كنت قررت ما هية مشروع تخرجى من اواخر سنة ثانية، كنت لا زلت ارسم بطريقتى الخليط من الأكاديمى و التأثيرى كتكنيك، و لكن مشاريعى بدأت تظهر فيها الروح الميتافيزيقية و السريالية قليلا، و لكنى كنت اشعر بأن هذا التكنيك يقيدنى و لا اشعر فيه بالحرية التى تحرك وجدانى، فهو تكنيك ناعم بطئ ذو تفاصيل كثيرة احبها جدا لكنى تشبعت منها و ابحث عن طريق جديد، كنت مغرما بالميتافيزيقية اكثر من السريالية و كنت اظن انها طريقى لكنها لم تُرضينى، ذات مره كان مر علينا الدكتور محسن حمزة استاذنا و الصديق، جلسنا نشرب الشاى و نتحدث كمجموعة مقربة منه، فشكوت له ارقى و شبعى و ضجرى من هذا التكنيك, فطلب ربع فرخ ورق  و الباليته و الألوان و ثبتنا الربع فرخ على شاسيه و وضعنا الشاسيه على كرسى مرسم و بدأ الدكتور محسن يرسم من خياله بورتريه بحرية مطلقة و ضربات فرشاة يمين و يسار وتداخل الوان ثم فصلها ثم مزجها ثم فصلها فى هارمونى جميل، يده اليسرى مشغولة بسجائره و اليمنى لاتتوقف عن الرسم و خلط الالوان على الباليته و تكملة البورتريه، و فى حوالى الثلث ساعة تقريبا كان قد انتهى منه و تعلمت ما اريد ان اتعلمه فعلا، الحرية على سطح اللوحة، طلبت منه ان يوقع عليها و احتفظت بها، فكان هو من علمنا الأكاديمى فى اعدادى فنون  و هو من ارشدنى الى تكسير هذا الأكاديمى فى السنة الرابعة. 
 
 
 
 
 بدأت ارسم بحرية اكثر زادت مع تمكنى من هذا التكنيك، و كان طبيعيا ان اتأثر فى بدايتها بأستاذى الدكتور محسن حمزة، و بسرعة بدأت تظهر تأثير أمثلتى العليا فى عملى و بدأت تظهر شخصيتى مع الوقت، و رسمت بها فعلا ربما مشروعين رصاص احتفظ بأحدهم الى الآن، و مرت بى احداث قاتلة سأحكيها فى النصف الثانى من هذا البوست قربت منى هذا التكنيك اكثر و اكثر، فهو يخرج من وجدانى الى لوحتى بدون تفكير, و جاءت امتحانات آخر العام، امتحانات ماقبل مشروع التخرج، و قبل الإمتحانات بيومين نادانى المرحوم الدكتور زكريا الزينى الى خارج الأتيليهات و قال لى اريدك غدا مساءا عندى فى البيت ومعك حاتم و “ ر “ قلقت و سألته هل هناك مكروه ؟ قال لى لا بس فى انتظاركم بعد الكلية، و بالفعل ذهبنا ثلاثتنا و بعد الدردشة و الشاى مع الكيك من صنع زوجته رحمهم الله جميعا قال لى : اسمع يا احمد انا جايبك معاهم علشان اشهدهم عليك، تعجبت ولكنه اكمل اجتمعنا مجموعة كبيرة من مجلس الكلية هذا الأسبوع و تعمدنا ان نجتمع بدون ( ش م ) ، وكنت انت سبب الإجتماع، بدأ قلبى يدق فأنا لا اعرف اى جرم فعلت لهذا كله، فقال لى اتفقنا على اختيارك انت علشان تتعين السنة دى و ليس ( Z ) و لا فلان، و شرحت لهم و اجمعنا على مستواك المتفوق و ثقافتك و شخصيتك الفنية المختلفة، والكل يعرف الظلم الواقع عليك، ولكننا اتفقنا عليك انت، لكن هناك شرط، كنت مذهولا مما اسمع و نفس الشئ حاتم و “ ر “ قال لى شرطنا جميعا ان يكون مشروعك مشروع اكاديمى، لأننا واثقين من تفوقك فيه و بهذا لن يكون هناك مشكلة فى التقييم، الحقيقة لا اعرف كيف كان شعورى وقتها ولكنى اذكر اننى كانت مشدوها اكاد لا اصدق و” ر “ تمسك يدى بقوة وتبتسم لى، فشعر الدكتور زكريا رحمه الله بالموقف فحوله الى موقف كوميدى ليخرجنا من هذا الإحساس لدينا جميعا بلحظة انصاف لى بعد كل هذا حتى لو انصاف ادبى، فمزح وقال لـ “ر “ انتى حتتلككى بقى وتمسكى ايده علشان خطيبك وضحكنا وشكرته بقوة ( كان رحمه الله دائما يقول لنا لايمكن ان ترى احمد بدون “ ر “ معه او تراها بدون احمد ) ، ومشينا من بيته ، و يشهد الله على صدق ما احكى ويشهد عليه حاتم و تشهد هى كذلك فكلنا لم ننسى هذا اليوم 
 
 
 
 
وتذكرت بعد سنوات موقف لم اربطه بما قاله لى المرحوم زكريا، فقبل هذا اللقاء كنت صاعد من السلم وكان الدكتور ممدوح عمار رحمه الله يقف بالصدفة بين مكتب الاساتذة وباب الأتيليهات، فنادانى وذهبت له، لم تكن بينى وبينه صداقة وموده كما هى بينى و بين دكتور زكريا مثلا لكنى كنت احترمه جدا، فقال لى : انت ليه بدأت تجربتك الفنية دلوقتى ما تأجلها بعد التخرج, يقصد خروجى من الأكاديمى، فقلت له بإخلاص : دكتور انا اعتقد انى ابدأ تجربتى الفنية و انا داخل الكلية افضل لى، بينكم اساتذتى لأنى بالتأكيد سأحتاج الى دعمكم ومشورتكم، فهز رأسه وقال لى بذوقه المعروف : اوك يا احمد زى ماتشوف، وعندما تذكرت هذا الموقف ربطته بما قاله لى الدكتور زكريا، ربما كان تمهيد له.
 
 
 
 
فى يوم امتحان المناظر استلم كل منا لوحته بيضاء مختومة من الظهر و ركبنا جميعا اتوبيس اللجنة فكان الإمتحان اما القلعة او ابن طولون، و انطلق الأتوبيس بنا و كأننا فى رحلة، جلس الشباب فى اغلب الكراسى خلف السائق والبنات فى الكراسى الخلفية و الكنبة، و بدأ الشباب فى الطبل والغناء مع التهريج فرحين بوصولنا الى قرب نهاية الكلية، و اثناء هذا ، نسمع صراخ، باااس سكت الجميع فجأة نبحث عن مصدر الصراخ، و جدناه من الكنبة الخلفية، الزميلة منال تصرخ فينا : انتم رجالة بشنبات انتم ؟ وتصرخ بأعلى صوتها وتقول الست هانم وتشير بأصبعها الى (Z) التى كانت تجلس على طرف الكنبة، الست هانم معاها اللوحة بتاعتها خلصانة ومتغطية بتوال ابيض حتشخبط عليه ولما تسلم حتسلم اللوحة الى اترسمتلها اصلا ، وانتم عملين نفسكم رجالة و بتهيصوا و تغنوا، ثم اردفت : الست هانم سمعتها بودنى و هى بتقول لأمينة انها اخدت اللوحة من ( ش م ) خلصانة تحت التوال الأبيض، و مع صراخها و وجهها شديد الإحمرار ذهل المراقبين، وتجاوزنا جميعا عن طريقة كلام منال لنا فهى اخت والكل يحبها ويعرف ادبها وقيمتها و لكن الحدث مذهل، تحول فتيان الدفعة الى سائق الأتوبيس و المراقبين : يالا بينا على قسم الخليفة او اقرب قسم لازم نعمل محضر، مع صوت شجار من على كنبة الأتوبيس بين منال و زميلاتها اخواتنا الأفاضل و هذه النكره كالحية تنكر وتلاوع ولكنها لم تعرض ابدا ان نرى لوحتها بل تمسكت بها، و دار حوار عصبى كبير بين الشباب و المراقبين الذين يروا ان عملهم تسلموه من الكلية و ادارة الإمتحان، حتى لو تم الغاء الإمتحان فلن يذهبوا الا الى الكلية مرة اخرى و اصروا، و بالفعل عاد الأتوبيس الى الكلية مرة اخرى، حرزنا لوحتها و دخلنا الكلية وسط ذهول الجميع وصعد بعضنا و سلموها فورا الى العميد، انتشر الخبر فى الكلية فى ثوانى و كان رئيس اللجان و كل اساتذة قسم تصوير فى دقائق فى مكتب العميد ماعدا ( ش م )، كان يجلس على كنبة فى البرجولا امام سلالم العميد، و اقسم بالله العظيم كان يرتعد ارتعاد، طلب العميد من الطلبة المغادرة للتحقيق، و بدأ هذا الثعبان الذى تحول الى جرذ يرتعد، يتودد الينا اثناء التحقيق بكلمات جوفاء مثل انتم فاهمين غلط، انتم دفعة قوية جدا، انتم من اقوى الدفعات الى دخلت الكلية، انتم ممكن يتعين منكم على الاقل 5 و انتم اخواتى و معقول اضركم كده، و هو ينتفض مرتعدا، ثم نزل رئيس اللجان و العميد و نادى علينا و قال لنا اذهبوا الى الإمتحان و التحقيقات تجرى رسميا فى مكتب العميد، و سنعوضكم عن الوقت، و كانت العقوبة المنتظره لـ ( ش م ) هى العزل و الفصل و الفضيحة، و خرجنا و ركبنا الأتوبيس و اتممنا الإمتحان، و كانت هذه هى الخطيئة الكبرى التى لا نغفرها الى اليوم لدفعة 1979 تصوير، فلم يكتمل التحقيق و استمر فى طغيانه و جبروته لكن هذه المرة بروح الإنتقام من هذه الدفعة، اما لماذا لم يكتمل التحقيق ولماذا ترك هذا الرجل هكذا ؟ فهذا واحد من اكبر الغاز الكلية الى اليوم، ربما يتم اكتشاف لغز بناء الهرم الأكبر يوما ما اما هذا اللغز فلا....
 
 
 
 
 
 ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها


 
2 / الإنشطار
 
 
 
بعد ان اصبحت “ ر “ خطيبتى بشكل رسمى اصبحت احظى بمزايا اجتماعية مع اسرتها رائعة، فكنت ضيفا فى بيت اخواتها او عزومات خارجية، و اصبحت زيارتى لهم فى البيت و ان نعمل سويا فى بيت مصر الجديدة بدلا من بيت اختها فى شبرا هو الشئ الطبيعى، ولم اشعر للحظة اننى ضيف ابدا، لم يكن هناك احد فى البيت اغلب الوقت الا ابوها وامها رحمهم الله، امها نادرا ماتجلس معنا الا للأكل واغلب الوقت على سريرها بسبب المرض، و ابوها رحمه الله ذو العينين الزرقاوين كبير العمر اغلب الوقت بالروب والطاقية الصوف يقرأ القرآن او ينزل للتمشية اليومية فى حديقة الغابة القريبة من بيتهم، كنت اشعر اننى فعلا صرت واحدا منهم، كل شئ يسير فى الطريق الجميل المرسوم، نعمل سويا بكد و همة فى البردى لنحظى بأكبر قدر من الأموال لتحقيق الحلم بالزواج بعد التخرج بفترة نتمنى الا تطول، ود و تفاهم وارتباط قوى جدا، بعد حوالى شهر و نصف او اكثر قليلا غابت عن الكلية يومين متتالين، اتصلت بهم فى البيت لا احد يرد مرارا و تكرارا، و فى ثالث يوم اتت متأخرة فى حوالى الثانية عشرة ترتدى نظارة الشمس و لا تخلعها، و تبكى بإستمرار و لا تتوقف و هى فى احضان سلوى او سوسن و لا تتحدث فى شئ, خفت ان يكون قد حدث مكروه لأمها او ابوها فأطمئننت انهم بخير، و لم تهدأ الا بعد فترة و لم تحكى شئ و رفضت ان تقول ما بها، و رضخنا جميعا و هممت ان اذهب معها كما نفعل لأوصلها فرفضت، و فى ثانى يوم اتت و اجتمعنا كلنا و عندنا اصرار ان نعرف ماحدث، فألقت فى وجهنا القنبلة، امها و ابوها و اختها الكبيرة مصرين على فسخ الخطوبة، و حكت السبب العجيب، اختها الكبرى يسكن بجوارها فى شبرا زميل لنا فى قسم ديكور، هذا الزميل صديق ابنها، و لما علم بالخطوبة ذهب اليهم مستنكرا بشدة هذه الخطوبة و قال لهم فى حقى صفات ليس لها اى صلة بى ابدا، صايع بتاع بنات بخيل شخصية الكل ما بيحبهاش و خبيث جدا، و غيره من الكلام العجيب، لم تقل لنا من هو حينها لكن اختها صدقت هذا الكلام  فلا مصلحة لصديق ابنها و ابن جارتهم فيما يقول الا المصلحة، الغريب ان ابنها و بنتها رفضوا هذا الكلام لكن امهم صدقته بيقين، فنقلت هذه الصورة بقلب قوى لأمها و ابوها، و استشهدوا بشهادة اختها التى تدرس فى تربية فنية و التى حكيت ان لها صديق يدرس فى طب و على علاقة منذ سنوات بوعد الخطوبة و لم يحدث، فلم نلاحظ و لا انا و لا “ ر “ كم الغيرة و الحقد الذين اصبحوا فى قلب اختها ناحيتنا، وعندما عادت “ ر “ من الكلية مساءا وجدت هذا الإجتماع العائلى و حاولت مستميته ان تدافع, فهى تقريبا معى طوال اليوم منذ سنوات، فكان صوت اختها الكبرى والأخرى اعلى ، و اصرار منهم مع اقتناع من الأب و الأم بأننا لسه على البر و لازم تتفسخ الخطوبة، احتدم النقاش بينهم لتسقط الأم مغشيا عليها فى حوالى الثانية عشرة ليلا و ينقلوها الى المستشفى القريب وسط خوف و رعب من الجميع لتدخل فى العناية المركزة و يبقى الجميع فى المستشفى للصباح و تبقى الأم فى المستشفى لعدة ايام، و تصر “ ر “ على الا تخلع الدبلة و ينفر الجميع منها لهذا، استمعنا كلنا فى وجوم و لا نصدق، و بعد ان هدأنا جميعا قلت لها هل من مصلحتك ان ننفصل ؟ فردت بسرعة طبعا لا قلت لها اذن نحن كما نحن لبعضنا، ممكن لما تطلعى من الكلية تخلعى الدبلة و تريحى بابا و ماما و لما تيجى الكلية البسيها حتى تمر هذه العاصفة، و نوضح لهم الحقيقة، رفضت فى البداية و لكن مع اصرار الجميع رضخت، و هدأت الأمور قليلا.
 
 
 
 
 و مرت ايام و انتقلت من بيت عم محمد عبدالعزيز فى امبابة الى شقة 13 صمويل مرقص بشبرا بيت استاذ وديع الرجل الطيب الدمث مع كمال حسنين و محمد سامى رحمهم الله، عالم جديد مثير، و اقترب مشروع التخرج و حدث ما حدث فى امتحان المناظر واللقاء فى بيت دكتور زكريا، و مع اول ايام المشروع استأذنت الدكتور زكريا ان انفذ مشروعى بجو سريالى و ميتافيزيقى و ليس اكاديمى صرف فوافق على الفور و رحب بالفكرة، و بدأت فعلا فى المشروع، فى ثانى او ثالث يوم غابت مرة اخرى “ ر “ حوالى ثلاث ايام بلا اى رد على تليفونات سلوى و سوسن، و اتت رابع يوم ومعها اختها يرتدين السواد و يبدوا عليهن الهزال الشديد، تعجبت للسواد و وجود اختها، و بمجرد ان دخلت الينا انهارت هى واختها فى بكاء شديد، فقد توفت امهم فى المستشفى، رحمها الله، اخر يوم كانت معنا فيه ذهبت من الكلية الى المستشفى تزور امها كالعادة فوجدت اختها عندها و امها منهكة اكثر، و قالت لها امها اختك بتقول انك لسا بتلبسى دبلة احمد و لسه مع بعض الكلام ده صح ؟ فقالت لها بثبات ايوه و لن اتركه، و قام نقاش حاد بينها و بين اختها لتنهار حالة الأم و تدخل فى غيبوبة قصيرة و تموت، اعرف انى كأننى احكى قصة فيلم لحسن الإمام، بل كما قال لى المخرج محمد شبل رحمه الله لو حسن الإمام عمل الى بتحكيه ده فيلم الناس حتقول ايه التخريف ده لكنها الحقيقة، و بعد الوفاة تتحول اختها مرة اخرى ناحيتنا فى ندم و اعتذار ببكاء حار انها كانت من ضمن اسباب ما حدث، مع وعد انها اول داعم لنا لنكمل معا، فقلت لها هل تظنى انه يمكن ان نكمل بعد أن توفت المرحومة بسببنا ؟ ولم يعرف احد الإجابة لكننا اتفقنا على التخرج و ان نعمل بكد سويا حتى نكون جاهزين للزواج و نعلن للجميع و ليبارك من يبارك و يرفض من يرفض....
 
 
 
 
لم استطع ان اكمل المشروع بالطريقة المتفق عليها كنت اشعر اننى سجين، فأعتذرت للدكتور زكريا و طلبت منه ان يسمح لى اعمل المشروع بالطريقة التى تريحنى، و تقبل الرجل بصدر رحب جدا و ربت على كتفى متفهما الظروف التى امر بها، و غيرت مشروعى بعد 10 ايام كاملة من توقيت المشروع، والحمد لله اننى فعلت هذا، فقد انتهى العام، وكانت ( Z ) هى الأولى على الدفعة بتقدير إمتياز ( تقسم لى “ ر “ انه اثناء المشروع ذهبت للكلية يوم مبكرا حوالى السابعة او حولها وصعدت الى الآتيليه لتجد ( ش م ) ومعه الذى يساعده يرسموا لها لوحات المشروع )، يليها الزميل محمد الناصر بتقدير امتياز، وثالث الدفعة الزميل احمد ضحاوى بتقدير جيد فقط و ليس حتى جيد جدا بدرجات 74% ، و باقى الدفعة التى تعتبر من اقوى دفعات كلية فنون جميلة تقدير جيد فقط او مقبول, مذبحة بكل معنى الكلمة وفجور ليس له مثيل، لو كنت نفذت ماطلبه منى المرحوم زكريا و وصلنا لنفس النتيجة لم اكن لأغفر لنفسى ابدا الرضوخ، و الحمد لله عشت سنوات الكلية كما اريد، كيف سيطر هذا الرجل على مقدراتنا هكذا بدون رادع ؟ لا احد يعلم، هذا لغز حقيقى، وكما حكى لى احد الأساتذة الكبار ان القسم رفض بشدة تعيينها معيدة و وقف الجميع ضد التعيين، و للأسف المتضرر هو الزميل محمد الناصر الذى يستحق لمستواه العالى و تفوقه فلا يمكن تعين الثانى على الدفعة الا لو تنازل اولها، وهى لم تتنازل، و رفعت قضية على الكلية وتكسب القضية، ولكن وقفت الكلية بقوة لا حاجة للقسم بمعيدين الآن، ويظل حقها فى التعيين معلقا بضع سنوات الى ان يسقط حقها فى التعيين (هكذا قال لى احد الأساتذة الأصدقاء فأنا لا افهم فى اللوائح) ، و فى خلال هذه السنوات تم قهر اوائل هذه الدفعات برفض تعيينهم لأن لها احقية التعيين لحين سقوطه بالتقادم ، فلم يدمر هذا الـ (ش م ) حلم دفعتنا بل دفعات ..... و كان الخروج من الكلية لكل دفعتى و هو يحمل معه احساس بظلم كبير و انكسار، اما انا فقد حملت مع الظلم و الإنكسار إحساس الإنشطار و الحزن و مستقبل لانعرف ما هو، فظلال الموت تحوم فوق علاقتى بـ “ ر “ وتشطر مستقبلنا المجهول.
 
 
 
 
انتهت سنوات كلية فنون جميلة، واحتفظت بدولابى فيها ربما 4 سنوات فيه بعض ادواتى، ربما كان هذا يشعرنى اانى لازال لى شئ فيها الى ان وهبت كل مافيه لبعض الطلبة اصدقاء ثم تركت اخر شئ لى فى الكلية لأم فوزى رحمها الله...
 
 
 
 و الان عزيزى القارىء بعد ان وصلت لنهاية المقال إسمح لى ان اطلب منك فضلاً و ليس امراً أن تدعمنى بفعل بسيط جدا لن يكلّفك شيئاً و لكنه سيساعدنى على الاستمرار فى تقديم هذا المحتوى لك و هو أن تضغط على احد الاعلانات الموجودة فى هذا الموقع 
 

 
بقلم الفنان / أحمد زيدان
 
الفنان / أحمد زيدان

 
 
 
 
 
 
 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات