القائمة الرئيسية

الصفحات

 

 
احدى القصص القصيرة التى لا أتذكر نصها بالتفصيل و لكن أتذكر مضمونها للكاتب و الروائى البرازيلى باولو كويلو هى أن رجل أوروبى ذهب الى بلد آسيوى فقير و أستأجر مجموعة من العمال و كان يقودهم مسرعاً و بدون توقف الى العمل من خلال رحلة طويلة فتوقف رئيس العمال فجأة و قال له أنظر لقد كنا نجرى لفترة طويلة و الان علينا ان نتوقف حتى تلحق بنا أرواحنا 

 

رسم لوحة زيتية
Jean-Joseph Weerts, The Assassination of Marat, ca. 1880



و رغم أن العبارة السابقة ليست ذات صلة بثقافتنا و طريقة تفكيرنا نحن العرب إلا أنها لامست مشاعرى و جعلتنى أنتبه إلى ضرورة التوقف من حين إلى آخر خلال رحلة لهاثنا المستمر فى الدنيا لنلتقط شئ ما على إختلاف ذلك الشئ بالنسبة إلى كل واحد فينا, فـ مؤخراً إنتبهت إلى ملحوظة لم أكن أنتبه لها بالوعى الكافى على بساطتها ألا و هى أن أى موضوع يتم التعبير عنه على سطح اللوحة (و طبعا أنا أقصد هنا الفن الأكاديمى أو التشخيصى أو الواقعى) ينقسم إلى نوعين فإما أن الفنان يستعرض منظر أو يحكى قصة ما من خلال سطح اللوحة, و أنا هنا أرغب فقط إلى لفت الإنتباه إلى هذة الجزئية بصرف النظر عن موضوع اللوحة أو المشاعر التى يريد الفنان إحداثها فى المُشاهد أو أن يضعه فى حالة معينة أو حتى أن يلفت نظره الى قضية ما ليُعلمه بها إن كان يجهلها أو لينال دعمه و تأييده إن كان على علم بها, فالموضوع هنا بسيط للغاية و لكن أعتقد أن الإنتباه له أيضاً مفيد للغاية و يجعلنا كفنانين أكثر وعياً




 فعندما أركز على ماهية محتوى اللوحات التى تم تنفيذها بشكل أكاديمى أو واقعى أجد أنه و كما أسلفت أن المواضيع تنقسم إلى نوعين, النوع الأول هو مجرد إستعراض لمنظر أو لعنصر ما, و الأهداف من وراء رسم المناظر أو العناصر تتنوع و تتشابك, فـ أحياناً ما يكون الهدف من ذلك هو إستعراض جمال ذلك العنصر أو إستعراض قدرة الفنان على نقل العنصر بدقة متناهية و نقل جمالياته, كما أنه قد يعمد الفنان الى رسم عنصر ما لأن اللوحة هى ببساطة خطوة فى رحلته التعليمية, و يقع فن البورتريه أو رسم الشخصيات ضمن هذا النوع و التى أشهرها الموناليزا, كما يمكن أن يمتد رسم الشخصية من مرحلة رسم الوجه إلى رسم الجسم كاملاً كما فى لوحة مدام إكس الجميلة و المثيرة للإهتمام, و رسم البورتريه قد يكون الهدف منه هو عمل مادى بحت كوسيلة للفنان لأكتساب المال و لكن فى أحيان أخرى قد يكون رسم البورتريه لشخصية ما هو إحتفاء بها نظراً لبطولة عسكرية أو مكانة رفيعة حققتها فى المجتمع الذى تنتمى إليه إستحقت من خلاله هذا التكريم المتميز كنوع من التفاخر و تخليد ذكراها, كما أن الملوك و الأمراء و النبلاء و علية القوم يتم رسمهم بإستمرار حتى لو لم يحققوا أى إنجاز, و أحياناً ما يضيف الفنان إلى جمال العنصر المرسوم جماليات فنية خاصة به مثل قوة التكوين و نوع الإضاءة الذى تم إختياره للتعظيم من جمال موضوع اللوحة, كما أن إختيار الخلفية المناسبة هى أحد العناصر التى يختارها الفنان و التى تظهر قدرته على تأكيد إحساسه بالجمال, إن إستعراض عنصر ما قد يكون أى شىء موجود حولنا فى الطبيعة, فقد يكون طبيعة صامتة أو منظر للبحر أو للمدينة أو لأحد البنايات أو لموديل عارى, و رسم المُدن و البنايات له أسباب مختلفة, فقد يكون من أجل التأريخ و ألارشفة و قد يكون تم تكليف الفنان برسمه عقب إفتتاحها و قد يرسمها الفنان من تلقاء نفسه كنوع من الفخر بأن هذا المبنى الأسطورى موجود فى بلده, فـ على إختلاف ذلك التنوع تظل اللوحة التى تحتوى على العنصر المنقول مجرد إستعراض لعنصر ما بدون قصة وراءه, حتى لو كانت اللوحة معقدة و تحتوى على الكثير من العناصر تظل مجرد لوحة تستعرض بعض العناصر, و إن كانت بالطبع تدل على مهارة أكبر للفنان الذى إختار ان يرسم العديد من العناصر المتشابكة, و بالطبع لا أقصد بكلامى هذا التقليل من شأن اللوحة التى تستعرض عناصر بدون أن تحمل قصة ورائها أو تهدف لقضية, على العكس فهى لها مكانة بل و مكانة بارزة فى تاريخ صناعة اللوحة الأكاديمية



 على الجهة الأخرى هنالك اللوحة التى تسرد قصة ما, و القصص فى اللوحات الفنية لا حصر لها فمنها التافه مثل اللوحات التى تجسد  قيام أحد النبلاء بالخروج إلى رحلة صيد أو قيام أحد الأمراء بعمل إحتفال ضخم, و منها ألهام مثل اللوحات التى تجسد قصص المعارك و الحروب الضارية, و قد تتناول اللوحة موضوعات دينية و ما أكثرها, و التى غالباً ما كان يتم رسمها بتكليف من الكنائس, و لكن لا يجب التعميم فالكثير من الفنانين قاموا برسم اللوحات الدينية بدافع شخصى, و قد تحكى اللوحة قصة أسطورية مثل لوحة جزيرة الموتى, أو قد تحكى عن ثورة حدثت فى تلك البلد و غيرته إلى الأبد مثل لوحة الحرية تقود الشعب, و قد تتناول اللوحة حدث جلل هز أركان المجتمع مثل الأحداث التى دفعت الفنان ثيودور جيركو إلى رسم لوحة طوف الميدوسا, أو قد تسجل لمرحلة من التاريخ سوف يبدأ فيها العلم بالنهوض ليأخذ بزمام الأمور مثل لوحة درس تشريح, و هناك لوحة قد تلقى الضوء على معاناة إنسان معاق مثل اللوحة المشهورة عالم كريستينا, فكل هذة القصص تُروى و لأهداف مختلفة قد لا تختلف كثيرا عن أهداف تلك اللوحات التى تستعرض عنصر أو منظر ما غير أنها و بطبيعة الحال يندر أن تجدها لوحة بسيطة تحتوى على عنصر واحد أو أثنين, كما يندر ألا يوجد بها أشخاص, فغالباً ما تكون لوحات ضخمة من حيث المساحة و تحتوى على  العديد من الأشخاص و العناصر و يكون الحضور الدرامى متواجد بشكل ضرورى قدر الإمكان, فـ على سبيل المثال نجد ذلك من خلال أنواع الإضاءة التى يتم إختيارها و أوضاع ألأشخاص و وقفاتهم فى اللوحة و علاقاتهم بعضهم ببعض و ملامح وجوههم المتأثرة بالأحداث, كما نلاحط أنه من الشائع وجود حركات حادة أو عنيفة فى أدائهم 




و أخيراً أرجو منك أن تتفضل بزيارة هذا الرابط حيث ستجد العديد من اللوحات الأكاديمية و التى سوف تستمتع بمشاهدتها و قد تكون عوناً لك كمرجعية فى حال كنت ترغب بتصميم لوحتك الخاصة, و أتمنى أن يكون هذا المقال قدم إليك الفائدة المرجوّة و رفع من وعيك فى مسألة هل اللوحة التى تشاهدها أو تنوى رسمها هى لوحة تحتوى على قصة أم منظر   

 

و الأن عزيزى القارىء بعد أن وصلت  لنهاية المقال هل يمكنك أن تدعمنى بفعل بسيط للغاية و لكنه يساعدنى على الإستمرار فى تقديم هذا المحتوى لك ألا و هو أن تضغط على أحد الإعلانات الموجودة أمامك فى الموقع 

           

بقلم الفنان/ مروان جمال

الفنان/ مروان جمال
الفنان/ مروان جمال


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات