القائمة الرئيسية

الصفحات







أنا مروان جمال ولدت فى شهر مايو من عام 1980 فى القاهرة عاصمة مصر و كنت الاول من بين أربعة أطفال و لدوا لأب و أم يعملان موظفان فى هيئات الدولة الحكومية, إجتهادا قدر إلامكان لتوفير حياة كريمة لأبنائهما و هذا شىء لا أستطيع إنكاره, و لكن ما كنت دائماً أفتقده هو التشجيع, فكل ما أتذكره من تشجيع أن والدى أهدانى علبة ألوان مائية عند رجوعه من دولة الامارات, كبرت و أنا أعرف بداخلى أنى موهوب فى الرسم و لكنى لم أكن أرسم إلا نادراً و رؤيتى لمستقبلى كانت ضبابية حتى أتى العام 1992 و الذى تكوّن فيه حلمى الاول حين قرر والدى أن يصطحب العائلة الى السينما لكى نشاهد الفلم الكرتونى علاء الدين, هذة الليلة جلست أمام الشاشة العملاقة و تحت تأثير الالوان المُبهرة و التحريك الرائع للشخصيات و التصميمات الخلابة إنبهرت عينى كما إنبهرت أذنى تحت تأثير السماعات بالاصوات النقية و الموسيقى الحالمة, و ليلتها خرجت من السينما و قد إتخذت قراراً بأن صناعة أفلام التحريك ستكون مجال عملى فى المستقبل, و كنت أظن وقتها أنى وجدت حلمى و لم أكن أعرف أنى فى الحقيقة قد أخترت واحد من أسوء كوابيسى .

 

 

مرت السنوات و أنهيت دراستى الثانوية و لم أستطع الالتحاق بكلية الفنون الجميلة بسبب درجاتى المنخفضة (حسب نظام التعليم فى بلدى) و لكنى إستطعت ان التحق بكلية التربية الفنية ذات التعليم الردىء و التى تُعد رغم ذلك أقرب ما يُناسب مهاراتى, تخرجت من الكلية فى عام 2003 و توجهت مباشرة الى العمل فى مجال التحريك و بدأت أتلقى الصدمات المتتالية من خلال العمل فى أكثر من مكان, فمع الوقت فهمت أن هذا المجال فى بلدى فى غاية السوء, فأولاً لا يوجد به كيانات كبيرة لكى تحتوى هذة الصناعة بل هى مكاتب أو شركات صغيرة تعمل بشكل تجارى لتُنتج أعمال رديئة و ضعيفة ليحقق أصحابها مكاسب مالية فقط, و لا يوجد أمل أو رغبة فى التطوير, و ثانياً كان كل مكتب من المكاتب يُسيطر عليه المُخرج المُنفذ و لا يسمح لأى فنان ممن يعملون تحت يده بأن يقدم وجهة نظره أو أفكاره كما لا يوجد مجال للترقّى فى العمل, فعلى الفنان أن يهدر سنوات من عمره مُترصداً فرصة ما, قد يحالفه الحظ و تأتى و قد لا تأتى أبداً, هذا الى جانب أننا لا نسطيع العمل كفريق فكل شخص يريد ان يكون البطل كما أن الضغائن و الاحقاد فحدّث عنها و لا حرج فهى تنتشر فى ما بين الزملاء, مرت بضع سنوات على عملى فى هذا المجال ثم أندلعت ثورة يناير 2011 و عمّت الفوضى أرجاء البلاد و توقف العمل فى مجال التحريك كما توقف فى غيره, مما دفعنى لترك العمل فى هذا المجال غير آسفاً عليه حيث تزامنت ثورة يناير مع شعورى بالضجر و فقدان الأمل من تحقيق أى تقدم على المستوى الشخصى فى هذا المجال, و إنتهى الحلم و لكن بقى السؤال ماذا سوف أفعل ؟ إنتقلت الى الخطة باء و هى أن أكون فنان تشكيلى و هو حلم آخر كان يروادنى و يُزاحم حلمى الاول مما سمح بظهوره ليطفو على السطح من جديد .

 

 

و لكن لم يكن الامر سهلاً فلابد أولاً أن أجيب على سؤال هام, ما هو نوع الفن الذى سوف أمارسه ؟ فأنا أحببت و مارست الكثير من أنواع الفن خلال دراستى فى الكلية حسب المنهج المتّبع فيها و هو الامر الذى كان ضار و نافع فى نفس الوقت, فعيب هذا الامر انه يجعل الطالب مُشتت و لا يُساعده فى تحديد ما يرغب أن يكونه بعد التخرج كما أنه يُشتت مجهوده و وقته فى الكثير من أدوات الفن, و ميزته أنه يجعل الطالب على علم بالعديد من الخامات و الممارسات الفنية, و لكن بالطبع ضرره أكبر من نفعه, لذا فقد تعرفت على العديد من أدوات الفن حتى أنى أتذكر خلال عملى فى مجال التحريك قد تعلمت بشكل حُر كيف أعمل بخامة البوليستر كجزء من رحلة بحثى عن الفنان بداخلى .

 

 

بدأت مرحلة جديدة من حياتى بالعمل كمعلم لفنون الرسم من أجل كسب العيش جنباً إلى جنب مع ممارسة الفن التشكيلى و أخترت رسم وجوه المشاهير بشكل كاريكاتيرى مبالغ فيه حيث كنت معجب بهذا الفن فى ذلك الوقت أيما إعجاب و أقمت معرضين فى عام 2012 و كانت لهذة الخطوة أثر كبير فى التعرف على نفس كفنان حيث أكتشفت أن هذا ليس ما أريد الاستمرار فيه, فرسم الكاريكاتير بالنسبة لى كانت حدوده ضيقة, فأنا أريد رسم العديد من العناصر و تناول العديد من الموضوعات و لهذا إنتقلت الى الرسم الواقعى كأسلوب مستخدماً ألوان الزيت كأدوات, و أحببت ذلك جدا كما توقعت حيث كان الرسم بألوان الزيت تجربة قد مررت بها سلفاً أثناء سنوات الدراسة و أحببتها, و لكن بعد تحديد نوع الادوات و أسلوب الرسم بقى لى أن أجاوب على هذا السؤال الأخير, ما هى الموضوعات التى سأتناولها لأعمالى, و هو بالمناسبة سؤال الإجابة عنه و تحديدها ليست فى غاية الاهمية و لكن يُفضل لو أجبت عنها, فى ذلك الوقت عرفت أنه يجب على كل فنان أن يكون له مشروع فنى مُتماسك يمتد معه بطول حياته و يتطوّر بتطوّر الفنان ذاته, ظللت أمارس الرسم و أنا أشاهد ألاعمال الفنية لكبار الفنانين التى تلمس قلبى حتى تكوّنت رؤيتى لمشروعى الفنى و الذى أطلقت عليه "نفحة حياة" و هو بإختصار أن أرسم موضوعات عن قصص و مشاهد من الحضارة المصرية القديمة (أو كما يُقال عنها الحضارة الفرعونية) لكى اُجعلها تتألق و تنبض بالحياة من جديد, و هذا ما أقوم به حتى الان بالتوازى مع التعليم الذاتى المُستمر .

 

 

 

       

 

 

 

 

 

 

 

 


فى النهاية اتمنى لك وافر الصحة و الى اللقاء .

هل اعجبك الموضوع :