القائمة الرئيسية

الصفحات

لقد خدعنا هذا الفنان المصرى


المعركة.. الفصل الرابع : "السلاح السري !"

كان بقي لنا حوالي خمس أشهر شغالين... ( يقصد العمل على فلم امير مصر, حتى تفهم بشكل افضل يمكنك قراءة الجزء الاول من هنا و الجزء الثانى من هنا  و الجزء الثالث من هنا و بعد ان تنتهى من هذا الجزء ستجد الجزء الخامس و الاخير هنا)
الصداقات اتكونت.. و العداوات انكشفت.. و التحالفات وضحت..!
و كانت الإدارة و طقم المخرجين فهموا موقفي.. و عدلوا حاجات كتير في السكريبت.. لاني كنت قولت لهم ما يستهونوش بردود افعال الجالية المصرية.. و العربية.. و الاسلامية .. (و لو اني كنت عارف ان الاخيرة .. الجالية الاسلامية.. موقفها ممكن يكون اكثر تشددا في صف العبريين  ـ في الفيلم ـ من موقف اليهود.. انما كمان كنت عارف ان اليهود الصهاينة في امريكا مش بالمعرفة اللي تسمح لهم انهم يفرقوا بين التلات تصنيفات ..) و ان العداوات ممكن ما تخدمش مباحثات السلام بين العرب و اسرائيل.. و اللي كانت دايرة ايامها.

لقد خدعنا هذا الفنان المصرى
مشهد من فلم أمير مصر

و قبل ما اوصل الاستوديو.. كانوا جابوا خبير مصريات.. عالم آثار الماني شاب اسمه "دانيال" عشان يستعينوا بيه .. و كان بييجي الاستوديو مرتين في الاسبوع عشان يجاوب علي بعض الاسئلة..
طبعا.. الطقم ما كانش عارف يسأل الأسئلة المناسبة.. و كان من الواضح ان دانيال نفسه كان واخد الموضوع "سبوبة"! (بالمصرى كلمة سبوبة يعنى وسيلة لعمل بعض المال بدون حب او شغف)
فلما وصلت انا .. بكل المعلومات اللي عندي عن مصر القديمة .. و عن الريف المصري الحديث اللي ما اتغيرش كتير من ايام الفراعنة.. و امكانية اني اعبر عن المعلومات دي بلغة الرسم المناسبة للفيلم.. بقي وجود دانيال مالوش لازمة.. فطلبوا منه انه يزق عجله..!
صحيح انه كان بياخد فلوس محترمة.. انما لو كنت مكانهم كنت خليته يفضل في الاستوديو.. كنوع  من صمام الامان.. و اهو زيادة الخير خيرين.. لكن بقي تعمل ايه في بُخل "ولاد العم"..
أنهوا عقده نهائيا.. و هم ما يعرفوش ان وجوده كان العقبة الوحيدة بيني.. و بين السلاح السري اللي كنت ناوي أزرعه في الفيلم !
وكنت من ساعة ما وصلت امريكا .. و شوفت علاقة اليهود ـ و خصوصا الصهاينة ـ بالحياة و السياسة في الولايات المتحدة.. و فهمت .. بجد.. تأثيرها علي العالم و بالذات علي منطقتنا و بلادنا..

بادعبس في الموضوع..
و من ضمن الدعبسة.. وقعت علي كتاب كاتبه طبيب علم النفس النمساوي ـ اليهودي ـ المشهور "سيجموند فرويد" Sigmund Freud  إسمه "الرجل موسي و ديانة التوحيد" و هو موجود في المكتبات بندرة .. تحت الإسم الانجليزي Moses and Monotheism ... و فيه بيعرض فرويد نظرية جميلة.. بذكاء و علم عميق .. مضمونها ان الديانة اليهودية اللي اعطاها موسي لبني اسرائيل .. بكل تفاصيلها.. مبنية قلبا و قالبا علي ديانة التوحيد المصرية .. اللي نعرفها احنا بإسم : ديانة أخناتون...
و في الكتاب .. استند فرويد علي معلومات تاريخية بعيدة عن النصوص الدينية.. و قدر يحدد ان خروج العبريين من مصر كان لا يمكن ان يتم الا في فترة الحرب الاهلية و اللخبطة اللي جت مباشرة في نهاية مُلْك "اخناتون" و بداية ملك "توت عنخ آمون"...
طبعا.. اليهود غضبوا عليه غضب السنين.. و عمرهم ما قدروا يقتنعوا بالنظرية دي.. انما.. لاسباب كتيرة.. إقتنعت أنا بها.. خصوصا انها كانت بتأكد قراءاتي التانية الكتيرة في الموضوع...

ملحوظة : يمكنك ان تلقى نظرة على اعمالى الفنية من هنا بهدف المشاهدة او الاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها

و لاقيت نفسي دلوقتي في موقف غريب :
اولا.. باشتغل علي فيلم حا يتفرج عليه ناس كتير في العالم كله.. خصوصا اطفال و شباب صغير .. في طور النمو و تكوين الآراء..
ثانيا.. الفيلم حا يدي لمجموعة من صهاينة هوليوود فرصة انهم "يطلعوا بلاويهم" علي حضارة من اجمل حضارات العالم .. اصل الضمير الانساني.. و اكثر تراث آدمي حط قواعد التفكير و الثقافة و العلم..! علي بلدي .. علي مصر !
ثالثا.. انا في الفيلم مسؤول عن صورة مصر.. و تاريخها و شكل حضارتها .. صحيح اني باشتغل عند الناس دي.. إنما.. هل ده يعفيني من مسؤليتي قصاد ضميري.. قصاد اولاد بلدي.. قصاد مصر ؟
رابعا.. و كمان بيعضوا في "رمسيس التاني "..؟ في اكتر فرعون رفع راس مصر للسما.. ؟ العبقري اللي أصر انه يحط في معاهدة السلام مع الحيثيين بند يحرم علي كل دول المنطقة استخدام العبودية.. و منع تجارة العبيد و الرقيق.. الف و خمسميت سنه قبل الميلاد.. ؟ و بيتهموه بإستعباد العبريين.. ؟
خامسا.. اذا كانت ظروفهم حا تديهم الحق في انهم ينشروا افكارهم المسمومة.. فنفس الظروف حطتني في موقف اني احط الدوا مع السم .. او علي الاقل اني اخفف تأثيره..!

و اتخذت قراري.. بالرغم من خطورة اللي ناوي اعمله علي مستقبلي المهني.. قررت اني احط في كل حته في الفيلم دلائل علي الزمن الحقيقي للأحداث.. و تأثير ديانة أخناتون علي حكاية الفيلم..
و الوحيد اللي كان ممكن يكشفني .. كان عالم الآثار الالماني.. "دانيال"..!
و ظهرت شمس آتون الشهيرة .. ذات الاشعة اللي آخرها أيادي العطاء .. في مشاهد كتيرة في الفيلم.. بما فيها اللقطة الأخيرة من مشهد الحلم اللي اتكلمت عنه إمبارح...
و كل تصميمات الجداريات اللي بتزين حجرة موسي.. قبل الحلم.. مبنية علي جداريات تل العمارنة.. مدينة "اخناتون"..
و كل الخرطوشات في الفيلم.. اللي مفروض يبقي مكتوب فيها اسم "رمسيس التاني" او "سيتي الاول" بالهيرغليفي.. مكتوب فيها اسم "اخناتون"!!!
صحيح ان الكلام ده مش لأي حد.. و انه لازم يبقي المشاهد فاهم الفرق .. و متعلم لغتنا القديمة..
إنما الدليل موجود.. و واضح زي الشمس.. للي عاوز يعرف..

و في سنه ١٩٩٨.. بمناسبة العيد الخمسيني لتأثيث دولة إسرائيل.. طلع الفيلم للسوق..!
و حضر "دانيال".. عالم المصريات ـ اللي حكي لي الموقف بعدها بسنين ـ  عرض خاص قبل العرض الاول.. و بعد ما خلص الفيلم .. أخد "چيفري كاتسنبيرج" و "ساني رابين" علي جنب.. و قال لهم : "انتو لاحظتوا إن كل الخرطوشات شايلة اسم "اخناتون" مش "رمسيس".. ؟"
فبصوا لبعض و قالوا في نفس واحد : "هاني !!!"

بقلم الراحل / الفنان هانى المصرى
الفنان هانى المصرى
 الفنان هانى المصرى

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات