القائمة الرئيسية

الصفحات

صديق بيل جيتس يستضيف فنان مصرى على يخته الخاص


اسمحوا لي أسيب سياق الحواديت .. و احكي لكم حدوته كده.. حصلت سنة ٢٠٠١ .. يعني تلات سنين قبل ما اقرر ارجع مصر ..
ايامها.. كنت خلصت شغل علي فيلم "أوسوموزيس چونز" Osmosis Jones مع شركة وارنر و كنت بادور علي شغل تاني.. فإتصل بي صديق قديم .. من ايام "ايماچينيرنج" إسمه "بوب وايس" Bob (Robert) Weis و كان ساب ديزني من زمان و بيشتغل لحسابه.. و بياخد مشاريع كبيرة مع ناس مهمين.. (بالمناسبة .. هو رجع يشتغل مع ديزني الكام سنه اللي فاتوا و دلوقتي هو المسؤول عن تنفيذ ديزنيلاند في شانجهاي في الصين )

ملحوظة : تم نقل المقال من الحساب الشخصى للفنان هانى المصرى على الفيس بوك

ملحوظة أخرى : الفنان هانى المصرى كان من ضمن فريق الفنانين العاملين فى شركة والت ديزنى


يخت التاتوش
يخت التاتوش

المهم.. اتصل بي و طلب يقابلني فرُحت له .. و قعدنا علي قهوة ظريفة في مدينة "پاسادينا" شمال لوس انجلوس.. علي بعد ٢٠ دقيقة سواقة..
و سألني علي طول اذا كنت اعرف واحد اسمه "پول آلان" Paul Allen .. فرديت علي طول ان الوحيد بالاسم ده اللي اعرفه .. هو شريك "بيل جيتس" صاحب شركة مايكروسوفت الشهيرة.. و من اغني الناس علي سطح الارض !
فإبتسم و رد فورا: "هو بعينه..!"
پول آلان.. شخص فضّل انه يعيش بعيد عن الاضواء.. ما حدش ـ في الجمهور العام .. يعني ـ يعرف شكله.. علي عكس شريكه "بيل" اللي كل الناس عارفه وشه.. و قصة شعره الغبية.. غير انه اصلا فضل انه يستمتع بالفلوس اللي عملها من شركته مع "جيتس" و ثروته تقدر تقريبا بحوالي ٣٠ مليار دولار.. يعني لو حطهم في البنك و قعد يلعب في صوابع رجليه .. يجيبوا له ارباح حوالي ٨ مليون دولار.. كل طلعة شمس !!!

بيل جيتس مع شريكه بول آلان
بيل جيتس مع شريكه بول آلان

و شرح لي "بوب"ان مستر "آلان" غاوي مراكب و يخوت.. و بيفكر يعمل متحف متنقل و مركز ابحاث علمية و مركز ثقافي و مدينة ملاهي.. و كل ده.. علي ظهر سفينة تلف العالم.. و تساهم في التبادل الثقافي و العلمي بين الشعوب..!
طبعا .. مشروع جميل.. و امكانيات الابداع فيه فظيعة..!

و شرح لي كمان انهم عاوزين يعملوا مؤتمر لدراسة امكانيات التنفيذ.. و جدوي المشروع ككل.. يضم ناس متخصصين في المجالات المختلفة.. من علماء فلك و بحار.. و متخصصين في الدراسات المتحفية.. و مصممين ديكور داخلي للسفن.. و مصممين مدن ملاهي… و انه اختارني عشان امثل الفئة الاخيرة دي.. بناء علي الشغل اللي كنا عملناه سوي في ديزني…!
فسألته علي طول : "إشمعني أنا يعني.. ما انت تعرف طوب الارض في المجال.. ؟"
فكان جوابه انه طلع خريطة متوسطة الحجم للعالم.. عليها خط السير المقترح للسفينة.. و المواني اللي مفروض حا ترسي فيها.. فلاحظت علي طول ان مافيش ولا مرسي في افريقيا و الشرق الاوسط الا في "كيب تاون" بجنوب افريقيا.. و قلت له: "طب إزاي يعني يحصل التجاهل التام ده لشعوب افريقيا و المنطقة العربية.. ده حتي لو مش كفاية انهم ديموغرافياً مهمين.. دول كمان عندهم حضارات قديمة لا يصح تجاهلها تاريخيا و ثقافيا..!!"
فرد عليا "بوب" فورا: "فهمت بقي انت اهميتك ايه ؟ إنت ـ بالاضافة لشغلك كمصمم ـ حا تمثل كل الشعوب اللي ناقصة في المشروع ده.. انت اللي حا تتكلم بإسمهم .. و تدافع عن اهمية حضاراتهم!"

طبعا .. مسؤولية تقيلة.. و وجع دماغ أزلي.. لأني كنت عارف كمية العنصرية و التعنت و الكبرياء بتاع الامريكان.. و جهلهم المطبق في مسائل الثقافة و الحضارة.. و ان الفلوس اصلا .. مع التيوس!
انما وافقت طبعا.. عشان المشروع جميل في حد ذاته.. و فرصة الواحد يشوف ـ تاني .. للتأكد ـ الناس دي بتفكر ازاي.. و كمان .. بصراحة.. كنت محتاج لكل قرش حا يدخل من الشغل ده..!

و علي طول.. اتصلوا بيا الناس بتوع شركة "ڤولكان" Vulcan اللي متولية اعمال "پول آلان" و بعتوا لي العقد.. و نصوص السريّة و عدم التصوير.. و كان مفروض ان المؤتمر حا يتعمل في مدينة سياتل.. علي جزيرة پول آلان الخاصة.. و الاقامة في قصره…
و بعدها بأسبوعين.. جالي إيميل بيغيروا فيه مكان المؤتمر.. فتقرر انه حا يتعمل علي يخت "آلان" الخاص "التاتوش" Tatoosh اللي راسي في مدينه "ناسو" في البحر الكاريبي.. و ان الناس اللي جايين من الشاطئ الغربي للولايات المتحدة.. حا يسافروا علي طيارة پول آلان الخاصة…
جو "چيمس بوند" خالص.. !!!
و فعلا.. يومها سوقت لغاية الجزئ الخاص من مطار لوس انجلوس.. و ركنت العربية في باركينج خاص.. و انا متوقع ان الطيارة حا تبقي من الحاجات اللي عاملة زي سيجار بجناحات.. اللي الواحد بيشوفها في الافلام…!
وتوالت المفاجأت بقي..

اولا الطيارة "بوينج ٧٥٧" .. مفروشة زي صالون فخم.. خشب ماهوجني لامع و متنجدة جلد طبيعي.. و فيها حمام بدوش.. و قاعة اجتماعات.. و حجرة نوم "بسرير".. و مطبخ يقول لمطبخ هوتيل خمس نجوم "قوم و انا اقعد مكانك".. يعني قصر طائر..
و استقبلنا طقم مضيفات "يحِلّوا من علي حبل المشنقة" رافعين عِلْم و اصول الضيافة لمستوي فن من الفنون الجميلة الراقية.. و مستوي من الدلع و الرفاهية زي اساطير الف ليلة و ليلة.. خصوصا بقي لما طلبوا مننا نتفضل للبوفيه .. بعد ما اقلعت الطيارة…
و بعد اربع ساعات من الاستمتاع (لأن ده مش سفر خالص) وصلنا "ناسو"و ركبنا اتوبيس ودانا بشنطنا لغاية الميناء.. و ركبنا لانش كبير ـ افتكرته هو اليخت في الاول ـ أخدنا لغاية "سفينة" راسية في وسط الخليج… و هو ده اللي كان "اليخت"..!
سفينة.. خمس ادوار .. فوقها مطار لهليكوبتر.. و مربوط تحتها غواصة صغيرة.. بتنزل لعمق ١٥٠٠ متر.. و صالونات .. و اوض نوم و كباين.. و مطابخ و حجرات غسيل .. و غرف متكاملة لطاقم السفينة.. يعني لو الطيارة كانت قصر طائر.. يبقي اليخت ده : مدينة عايمة !

لدرجة انه فيها ستوديو تسجيل موسيقي.. و الصالون الرئيسي فيه نسخ اصلية لفنانين زي "رينوار" و "جوجان" و "سيزان"..
و اخدنا "پول آلان" شخصيا في جولة حول اليخت .. و كان واضح انه فخور به جدا.. لانه اتبني في المانيا بمواصفاته هو الخاصة.. و قال لنا ان المحركات كلها "مرسيدس".. و ان خشب "التيك" اللي معمول بيه الارضيات بتاعة الممرات الخارجية و الاسطح المكشوفة كلفه حوالي ١٨ مليون دولار… وان الكابلات الكهربائيه علي اليخت.. لو اتوصلت ببعض.. تروح القمر و ترجع !!!
مش حا اتكلم كتير عن اليخت.. يكفي اقول اننا.. الاتنين و تلاتين شخص اللي كانوا معزومين في "المؤتمر" ده.. قعدنا اسبوع كامل بنفطر و نتغدي و نتعشي .. و ما اكلناش مرتين في نفس الطقم الصيني.. و لا استعملنا طقم شوك و سكاكين و معالق .. مرتين !
طبعا.. طقم المضيفات و المضيفين.. حاجة من ورا الخيال.. شباب زي الورد.. و ملكات جمال.. متنقيين علي الفرازة من كل انحاء العالم.. اعمار بين ١٩ و ٢٣.. كلهم في منتهي الادب .. بخفة دم ما حصلتش و بساطة منعشة !

يخت التاتوش من الداخل
يخت التاتوش من الداخل

و ابتدت الاجتماعات.. و اتقسمنا مجموعات عمل .. و كان البرنامج مليان.. و ابتدينا نحط رؤيا للمشروع.. و ندرس احتمالات نجاحه و فشله.. و نطلع بأفكار.. منها حلول عملية و منها فلسفات عامة.. اتقدمت بيها مجموعة توصيات و خطط عمل في مذكرة سمكها حوالي ٥ سنتي.. زي دفتر التليفونات كده…

و في يوم.. كان عندنا اجتماع من الساعة ٩ صباحا.. في صالة المراقبة observation deck و دي الصالة الرئيسية اللي في مقدمة المركب.. و خلص الاجتماع حوالي الساعة ١٢ الظهر.. و انا حاموت علي سيجارة .. لان كان ممنوع التدخين في الداخل..
فأخدت علبه السجاير و الولاعة .. و طلعت لمقدمة اليخت عشان ادخن .. قبل ميعاد الغدا…
فلمحتني بنت مضيفة فرنساوية (زي القمر.. بشعر دهبي طويل) و انا خارج.. فقربت مني وسألتني اذا كنت محتاج اي حاجة.. فقلت لها اني بس حاشرب سيجارة.. و لو يبقي معاها فنجان قهوة .. يبقي ظريف..! فإبتسمت و قالت: "اتفضل.. و انا حاجيب لك القهوة"..
فخرجت .. و سندت علي الدرابزين .. و طلعت علبة الدخان من جيب الچاكيت السفاري .. و لفيت سيجارة .. و ولعتها بمزاج.. و قعدت اتفرج علي المينا و كل المراكب و اليخوت الراسية فيه…
و لاحظت يخت جميل داخل من عرض البحر.. يخت ارتفاعه تلات ادوار.. فغرفة القيادة العليا بتاعته يا دوب اوطي شوية من مستوي مقدمة اليخت بتاعنا.. اللي كنت واقف عليها..
و قرب اليخت من "التاتوش".. فلمحت القبطان اللي سايقه.. شاب في التلاتينات.. لابس البدلة البحرية بشياكة.. و الكاب الابيض.. و هو كمان لمحني..
فلاقيته راح معظم لي .. بشكل رسمي جدا..

طبعا .. في الاول استغربت .. و ما فهمتش .. و بعدين سمعت صوت كعب "حريمي" ورايا.. و اتدورت.. و.. فهمت..!!!

كانت البنت الفرنساوية.. واقفة.. الهوا مطير شعرها الذهبي.. و جزء من الجونلة الميني الكحلي.. و لابسه جوانتي ابيض .. زي البلوزة البحاري الطعمة اللي حا تاكل منها حته.. و ماسكة صينية فضة.. عليها فنجان قهوة واحد… و بتقدمة بإحترام لواحد في الخمسينات.. لابس چاكيت سفاري سبور.. واقف بيدخن ببساطة علي سطح تاني اكبر يخت في العالم (ايامها).. يبقي من الافندي ..؟؟؟

فقولت له في عقل بالي: "آه يا غر يا مفتون.. لو تعرف حساب البنك بتاعي فيه كام.. كنت تفيت عليا .. مش عظمتلي !!!.. انما ساعات قاعدة التمثال .. بتخدع البني آدم.. اكتر من التمثال اللي محطوط عليها !!!"
كل سنة و انتم بخير و سعادة !

بقلم الراحل / الفنان هانى المصرى

نشر المقال فى 30 ديسمبر 2013
الفنان هانى المصرى
الفنان هانى المصرى



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات