القائمة الرئيسية

الصفحات

 



حواديت علي هامش رواية.. الاربعين حرامي !

قصر عابدين ..!

اتفقت مع مجموعة اصدقاء اننا نزور "القصر"..!

كنت بادخله لأول مرة.. و حاسس كأني باقوم بنوع من الحج..


دموع فى عيون فنان مصرى


اولا.. لاني كنت اخيرا حامشي في خطوات والدي.. اللي كان طلع الاول علي دفعته في كلية الآداب.. جامعة فؤاد الأول.. سنة ١٩٤٤.. و اتعزم علي العشا ( مع كل اوائل الدفعات ..) مع الملك فاروق.. في نفس القصر..


و ثانيا.. كنت باعمل عُمرة.. لتاريخ مصر.. في قصر كان علي مر العصور.. من ساعة ما اتبني.. ايام الخديوي اسماعيل.. مركز لكل احداث مصر.. اللي حصلت فيه.. او اتخططت فيه ..!


و طبعا.. كَعّيتْ الـ ٢٠٠ جنيه.. تمن التذكرة.. انما رفضت ادفع تذكرة ٥ جنيه لمجرد اني احتفظ بتليفوني.. خصوصا انه "نوكيا" قديم.. و الكاميرا بتاعته زبالة..!

ده ما كانش اول قصر ازوره..

و زورت قصور ملكية كتير في حياتي.. اللوڤر طبعا.. و ڤرساي.. و باكنجهام.. و قصر الملياردير  "هيرتز" في كاليفورنيا.. و الفاتيكان.. حتي "بيت الدين" في لبنان..

فمسألة الانبهار دي ما كانتش شاغلاني.. و قدرت استعمل مخي و عيني بشكل موضوعي..

بادئ ذي بدئ.. القصر مبني علي الطراز الإيطالي.. لزوم الفخفخة.. بنكهة فرنساوي.. لزوم الشياكة و الأناقة..

طبعا مبني بذمة.. و حرفية عالية جدا.. علي نفس مستوي القصور الملكية الاوروبية..

حرف  انقرضت تماما في بلدنا.. و حرف مطلوبة اكتر.. لما حتي نعوز نعمل له ترميم.. 

فعلشان نبقي واضحين من اولها.. 


كل اعمال الترميم اللي اتعملت.. و حصل عليها كمية طنطنة رهيبة في الاعلام.. ما تخشش ذمتي بنكلة.. !

و نتيجتها النهائية انها .. في الواقع.. بهدلت المكان.. و رَخَّصِتُه.. 

و تحس و تفهم علي طول يعني ايه.. "بهايم شايلة نفائس"..!


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فحسب او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها


و حيث اننا كنا دافعين تذكرة .. نسبيا.. غالية جدا..

صاحبتنا في الجولة مرشدة.. مفروض انها من هيئة الآثار.. عشان تشرح لنا تفاصيل القصر.. و مفروض انها تبقي مستعدة تماما انها تجاوب علي اي استفسار.. 

طبعا.. كانت حافظة و مش فاهمة.. 

و لا حتي بتستعمل مخها و عنيها .. كالمتوقع من حد شغلته وصف الماضي و فهم ظروفه..!

و كان كلامها كله .. موضوع "انشاء" خايب.. ممكن يكتبه اي تلميذ مجتهد في ثانوي..

و في اغلب الاحيان كان متضارب مع اللي شايفينه.. و اللي الاستنتاج المنطقي بيوصلنا له..!


كان واضح ان القصر ده .. بقي له من سنوات ثورة ٥٢ الاولي.. بيتعرض لعمليات نهب منظمة.. و اي حد زار قصور ملكية في الخارج.. يفهم فوراً ان اللي قدامنا ده .. كل ما تبقي من فريسة التهمتها السباع.. و خلصت عليها الضباع.. و نظفت عضمها طيور العقاب.. و نحتت هيكلها الديدان.. 

و ان اللي فاضل.. ما اتسرقش لصعوبة نقله.. او استحالة التخلص منه في السوق.. او ان مستواه الفني ارقي بكتير من ضلامة مخ اللي متحكمين فيه و قادرين علي "الاستنفاع" منه..!

و علي سبيل المثال لا الحصر ..

قاعة العرش.. جوهرة القصر .. و المكان اللي بيتمحور عليه الموضوع كله..

القاعة كلها متصممة و متنفذة علي طراز عربي.. بالرغم من نسبها الإيطالية الواضحة.. انما ..ما علينا.. في وسطها نجفة ضخمة.. عبارة عن مجموعة من المشكاوات في تكوين مخروطي مقلوب.. كان المفروض انها تبقي من اكثر عناصر القاعة ابهارا..

طبعا.. كل المشكاوات اللي غالبا كانت علي نفس مستوي المشكاوات المملوكي الرائعة.. (اللي اتدمر جزء كبير منها في الانفجار بتاع مديرية الامن ) .. كلها اختفت.. و حل محلها قطع هايفة.. متلونه بركاكة.. علي زجاج منفوخ رخيص.. 

و حصلت مناقشة.. قربت علي الحدة.. بيني و بين المرشدة.. اللي اصرت علي انها المشكاوات الاصلية.. و لما اتزنقت .. انهت المناقشة بحجة اقبح من ذنب : "و الله .. "هم" قالوا لي كده..!"


اللي كان ظريف.. ان المجموعة كان فيها ناس كتير من شباب الأثريين.. 

و بقينا نلفت نظر بعض .. لكل كوارث الترميم.. و القطع المستبدلة.. و الاركان الفاضية.. و السجاجيد الرخيصة.. 


مثال تاني.. كان فيه طاولة تماما في منتصف حجرة نوم الملكة "نازلي".. زوجة الملك فؤاد و ام الملك فاروق..

طرابيزة.. كان المفروض انها تبقي شغل فرنساوي قديم.. 

انما.. الموجودة حاليا.. من الشغل الرخيص بتاع دمياط.. يعني حتي مش الشغل الكويس.. و منحوتة بفجاجة.. و متدهبة بركاكة.. و حتي قطعة الرخام اللي عليها مش مظبوطة علي مقاسها..! 

و الآخر.. زورنا المتحف.. حجرات الاسلحة.. و قاعة الاوسمة.. و جناح المخطوطات.. و معرض الفضيات و التحف.. 

طبعا .. ممكن الواحد يكتب مجلد في دول لوحدهم.. انما انا حاكتفي باني اقول ان في الجزء الاخير.. كان فيه عرض لمجموعة من اجمل مجموعات الڤازات الـ Gallé اللي شوفتها في حياتي.. (يبقي ظريف لو دعبستوا علي الاسم ده.. و اتفرجتوا علي نوع الشغل.. عشان تفهموا انا باتكلم عن ايه..) و هي معروضة في تلات فتارين كبيرة.. و مرصوصة بمنتهي البواخة.. كانها أزايز ويسكي في بار رخيص.. مع انها ممكن يبقي لها متحف لوحده..

طبعا كمان.. واضح ان المجموعة ناقصة.. لأن كل الاحجام الكبيرة .. و اللي متوقع تكون موجودة في قصر ملكي.. اختفت تماما..!

عشان تبقوا عارفين.. الڤازة الواحدة من دول.. عمر ما سعرها بيقل عن ٥٠ الف دولار في زماننا ده…!


خرجت.. و انا الدموع علي رموشي.. مش عارف اقول ايه.. و الا اشكي لمين..

و عدي قدامي عسكري.. دفعة.. باين عليه لسه جاي طازة من الاقاليم.. 

و شايل جردل بوية.. و دخل من باب جانبي..

.. داخل يرمم !!!


بقلم الفنان الراحل / هانى المصرى

الفنان الراحل / هانى المصرى
الفنان الراحل / هانى المصرى


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات