ما هو فن التقصير ؟
التقصير هو اقرب كلمة إستطعت ان اجدها لغوياً لكى تعبر عن الكلمة الانجليزية Foreshortening و هى كلمة فى الفن تشير الى الطريقة التى ندرك بها عنصر ما عندما يتراجع فى الفضاء بعيدا عن اعيننا ذاهبا فى المنظور نحو خط الافق, و لكى اشرح لك ذلك بشكل عملى خذ لحظة و قم بما يلى : قم بثنى ذراعك امام صدرك ولاحظ طول ذراعك من الكوع إلى أطراف الأصابع, هذا مثال على التقصير المحدود, الآن ، قم بمد ذراعك بشكل مستقيم للأمام و لاحظ كيف تبدو ذراعك مضغوطة من هذا المنظور حيث المسافة المحسوسة من أسفل المرفق إلى إصبعك العلوى لا تعكس الطول الفعلي لذراعك, و هذا مثال على التقصير الشديد, لاحظ الصور بالاسفل
 |
| التقصير الشديد فى الصورة على اليمين و التقصير المحدود فى الصورة على اليسار |
التقصير هو مفهوم يجب ان تدركه و تتمرن على اتقانه لانك سوف تواجهه تقريبا فى كل عمل تقوم برسمه, ويحضرنى هنا احد رسامى الكاريكاتير فى الصحف المصرية و هو على شهرته لا يجيد هذا المفهوم فتجده عندما يرسم شخص جالس على سبيل المثال و رغم ان جسد هذا الشخص يظهر من الامام الا انه يقوم بثنى القدمين ليبدوان من الجانب و هو بالطبع وضع غير طبيعيى للاقدام فى هذة الحالة و لا يوجد سبب فى قيامه بذلك سوى انه لا يجيد رسم العناصر فى حالة التقصير لذا فهو يقوم بالهروب من هذة المشكلة بذلك الحل الردىء, و لكى تفهم اكثر فإن التقصير بهذا المفهوم الذى شرحناه فى اول المقال قد ينطبق على كل شىء تقريباً, حيث ان كل شىء فى العمل الفنى يخضع للمنظور الا اننا اعتدنا ان نطلق هذا المفهوم على العناصر و الوضعيات الاكثر وضوحا مثل العمل الفنى ادناه
 |
| Andrea Mantegna, The Lamentation over the Dead Christ, c.1480 |
ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فحسب او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة منها
لمزيد من الايضاح انظر الى الرسمة بالاسفل, فهى عبارة عن مجموعة من الاسطوانات المتصلة فى صف واحد باحجام مختلفة, فى الحالة الاولى بالاعلى نحن نراها من الجانب حيث لا نستطيع حتى ان نعرف ان كانت اسطوانات ام مستطيلات, و لكن فى الرسمة الثانية بالمنتصف نجد ان هذا الصف من الاسطوانات بدأ يستدير ناحية عين المشاهد بدرجة طفيفة و لكن تسمح لنا بالتعرف على كونها اسطوانات حيث التقصير محدود, أما الرسمة الثالثة بالاسفل فنجد ان صف الاسطوانات قد استدار بشكل كامل ليواجه عين المشاهد و هذة هى حالة التقصير الشديد و هى المقصِد من هذا المقال
 |
| رسمة بسيطة توضح فكرة التقصير |
لاحظ بوضوح هذة الاثار الثلاثة المترتبة على استخدام التقصير
-تبدو العناصر اصغر كلما ابتعدت نحو خط الافق حتى انها يمكن ان تتقابل فى نقطة واحد هى نقطة التلاشى
-تبدو العناصر اقصر او مضغوطة و يزداد هذا كلما ابتعدنا عن عين المشاهد
-تتداخل العناصر فى المقدمة مع العناصر التى تليها و تحجبها
الحسابات الرياضية و فن التقصير
إذاً يتضح لنا ان فكرة التقصير لها علاقة بالمنظور و هو الشىء الذى قد يطرح سؤالاً منطقيا و هو: ماهى الحسابات الرياضية لعملية التقصير و بأى قدر يجب ان نقلل حجم العناصر كلما ابتعدنا ؟, و اعتقد ان الاجابة الامثل لهذا السؤال هى انك فنان و لست مهندساً لذا يكفى ان تقوم برسم العناصر بشكل مقنع للعين, و هذا كل ما تحتاج إليه و دع الحسابات الرياضية جانباً الا اذا كان جمهورك من علماء الرياضيات, و لكنى ايضاً اعتقد ان هناك بعض الحالات القليلة التى يجب ان تراعى فيها الحسابات الرياضية و أهمها اذا كانت لوحتك تحتوى على مبنى هندسيا, ففى هذة الحالة اعتقد ان المبنى سيبدو غير مقنع و به اخطاء ملحوظة لو تجاهلت الحسابات الهندسية, و انا عن نفسى قمت بعمل حسابات هندسية صحيحة للمكان الذى يحتوى الحدث عندما قمت برسم لوحة موت كليوباترا
و الى اللقاء فى الجزء الثانى و الجزء الثالث من المقال
بقلم الفنان / مروان جمال
 |
| الفنان / مروان جمال |
تعليقات
إرسال تعليق