القائمة الرئيسية

الصفحات

سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 9

 

قصاصات متناثرة من اولى تصوير ...


ملحوظة : يمكنك قراءة الجزء الاول من هنا 

كانت دفعتنا يتميز أغلبها بالمهارة ، وكان فينا بعض دوائر الصداقات مثل اى دفعة ، دائرتنا وفيها انا وحاتم وسعيد كامل وراوية جاد وشمس وبثينة ، تنضم الينا حسب الظروف سميحة و درية وسلوى عامر ، وبالرغم من انهم قسم ديكور إلا انه تقريبا كان لنا لقاء للدردشة يوميا ، وكانت اشهر دائرة فى دفعتنا وطوال السنوات هى دائرة “العصفورة” ، والتى انشأها المرحوم اسماعيل محمود ، اول من فارق الدنيا من دفعتنا بعد التخرج ، وكان معه حسنى عبدالوهاب ، وحسن محفوظ ، وزينب البورسعيدية المحجبة الوحيدة فى دفعتنا واخف دم فيها فهى لاتشبع من الهزار والشقاوة مع جمال وعيون ملونة


سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 9



 وباقى مجموعات الصداقة فى الدفعة لكننا جميعا كنا مترابطين الى حد كبير ، كنت كمن سكن فى بيت جديد (اقصد مبنى عبود مبنى تصوير) عندى شغف وفضول لمعرفة ساكنى باقى المكان ، ربما كان اول من تعرفت عليه من الدفعات الأكبر منا وبسبب الوصول بدرى للكلية وشرب الشاى سويا ولخلقه الجميل وشخصيته الطيبة هو الفنان عياد النمر ، وبدأت اتجول واتعرف ، اسماء وشخصيات كثيرة لاتنسى ، مصطفى مفتاح ، التهامى ، نهى وسميرة الصديقتان احداهما على ما اتذكر اردنية والأخرى فلسطينية وكانتا مبهرتين فى لوحاتهم السريالية ( هذا تقييمى فى هذه الفترة) ، الدكتور حاليا رضا عبدالسلام ، فاروق بسيونى رحمه الله (وهو ناقد تشكيلى صحفى دخل الكلية وهو صحفى) ، أعتذر لتكرار كلمة المرحوم لكنها بكل اسف حقيقة ، والمرحومين الصديقين مجد السجينى شديد الإحترام والحيوية ، وسليم الشريف خفيف الدم الودود ، رحمهم الله كنت احبهم جدا ، ودامت صداقتهم الى ان توفاهم الله منذ سنوات قريبة معا فى بضع شهور قليلة الفارق بين وفاتهم 


عرفت الكثيرين وربما نسيت البعض لكنى اذكر الأسماء التى فى ذاكرتى وكنت اتابعها تقريبا يوميا ، تعرفت على الفنان وحيد مخيمر وعلى الإنسان الجميل الفنان محمد العوضى رحمه الله “مؤلف أغنية اعذرينى لعلى الحجار” ، ودفعته ، على الحجار اصبحنا نعرف بعض ولكن لا ادعى اننا اصبحنا اصدقاء ، “وتشاء الأقدار اننا بعد الكلية مباشرة عملنا سويا فى فيلم ربما سأحكى قصته فيما بعد” ، بدأت علاقتنا بالأساتذة , بالأستاذ المرحوم زكريا الزينى فهو قد يلاحظ مستوى الطلبة ويعرف من المتفوق منهم ، وكان رحمه الله شخصية اجتماعية جدا بسيط لايمكن ان تراه بدون سيجارة فى يده ، اختارنا من ضمن الذين اختارهم ليتعرف عليهم ويقترب منهم اكثر ، ودعانا لزيارته فى منزله ومرسمه فى شارع رمسيس انا وحاتم وراوية وسعيد ، وتوطدت صداقتنا به حتى نهاية سنوات الكلية والغريب انه بالرغم من هذه الصداقة والقرب لم اتعلم منه اى شئ فى الفن ، كان رحمه الله فى هذه المرحلة يهتم كثيرا جدا بسطح اللوحة وملمسها ، Textures ، وكان فى هذه الفتره يستعمل بودرة اسفلت الشوارع فى عمل ملامس خشنة وبارزة للوحات بخلطه مع الألوان او التحضير وعجينة التحضير ، حتى اننا كنا نطلق على دفعة منهم الكثير منهم احب فكرة بودرة الأسفلت كنا نطلق عليها تندرا دفعة الأسفلت.


توطدت علاقتنا بالسيد المحترم أمين مكتبة الكلية “كان مقرها هو مكان سكرتارية العميد حاليا وغرفة الإجتماعات” ، كنا من اكثر المترددين عليها فى مرحلة اعدادى واستمر حتى اولى كلية ، ومن حوارتنا معه وسؤالنا دائما عن فنانين معينين او مدارس معينة بدأ اهتمامه بنا ، وعندما علم عن هوايتنا بالتنزه اسبوعيا فى مكتبات وسط البلد التى تبيع كتب الفنون مثل لاندروك وهاشيت والانجلو والكتاب الفرنسى وغيرها ، طلب منا ان نرشح له الكتب التى تحتاجها مكتبة الكلية وغير متوفرة فيها ، نعطيه اسم الكتاب والمكتبة وسعره ، والميزانية لديه تسمح بهذا ، وبالفعل رشحنا الكثير من الكتب واضيفت الى مكتبة الكلية وكان هذا يعطينا احساس ايجابى اكثر ناحية الاهتمام بمكتبة الكلية والاستعارة منها ، والذى كان صعب على الطلبة ومسموح للأساتذة فقط بالإستعارة ، الى ان اغلقت المكتبة فى هذا المبنى لحين نقلها الى مقرها الحالى ، ولم نجد هذا الرجل المحترم فى ادارتها ، بل تولت أمانة المكتبة سيدة اخرى لم تكن فى مستواه الإدارى ، وبالرغم من ان حجم المكتبة اصبح اكبر بكثير جدا من حجم القديمة ، الا اننى لم احب المكتبة الجديدة ولم اتعاطف معها ابدا.


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها


لا انسى صوت السلالم الخشبية لمبنى عبود التى تئن وتصرخ من كثرة الخطوات والقفز عليها ، ولوحة الزجاج المعشق الضخمة الأصلية اعلى السلم بانعكاساتها الجميلة مع اضاءة بهو المبنى الباهتة ، فتظهر الوان الزجاج اكثر نصوع ، صوت عم محمد ابراهبم المبحوح وهو يزعق وينادى على الموديلات او الطلبه ، ومن الشخصيات التى لاانساها ، “ ناجى “ ، احد شخصيات سنة اولى تصوير والذى لم يكمل الدراسة ، انتقل الينا من الإسكندرية ، نحيف مثل اغلبنا فى هذا التوقيت متوسط القامة ، يرتدى بدلة خاصة سوداء طوال الوقت ، شديد الهدوء ، كنت اول من يأتى الى الأتيليهات قبل الثامنة صباحا وحدى ، طقطقة ارضيات المبنى من الباركيه القديم تسمعك خطوات اى شخص يدخل الأتيليه ، الا ناجى ، يدخل بهدوء وسكون ويجلس ويبدا العمل ، والاحظ وجوده بعدها بفترة ، يرتدى دائما صليب ذهبى بحجم الكف تقريبا على صدره ولايرفعه ابدا “فى هذا الزمن لم يكن ليهتم احد بهذا ابدا ، بدا هذا التحرش بين اديان الجميع بعد فترة ليست طويلة” ، كان بيننا حوارات قصيرة ، هو ليس من النوع الذى يمكن ان يفتح مواضيع ، انت فقط افتح معه ماتريد من مواضيع ، وسيستجيب معك بهدوئه ، حكى لى قصته ، من اسرة متدينة ، ابويه كان عندهم اصرار شديد جدا ان يدرس اللاهوت ويخدم الكنيسة فهم لا يروه غير هذا ، لكنه يعشق الرسم وحلمه هو كلية فنون جميلة ، تدخل احدهم واقنع ابويه بترك ناجى يخوض تجربته ، فألتحق بفنون الإسكندرية فى اعدادى وانتقل الى القاهرة وانضم الينا فى سنة اولى ، وقضى معنا سنة أولى كلها ثم اختفى ولم يكمل معنا باقى سنوات الكلية.


بعد التخرج ربما بسنتين ، كنا نسكن فى شبرا زملاء الدفعة ، انا وحاتم وكمال ومحمد سامى رحمهم الله ، فى شارع صمويل مرقص ، وهو اسم كنيسة فى اول الشارع ، عائد فى يوم احد من مشوار حوالى الظهر قبل او بعد بقليل الى البيت ، الشارع ككل شوارع شبرا اوسع من الحارة بقليل ، وامام الكنيسة زحمة ، فتجنبت الزحمة قدر المستطاع واحاول المرور ، سمعت صوت خفيض من وسط الزحام يقول استاذ احمد ، فلم التفت ، تكرر النداء ، ولم التفت ايضا ، فهذا الجمع اعتقدت انه ليس لى فيه احد ، ثم تكرر النداء مرة اخرى بصوت اعلى وشعرت بمن يأتى خلفى فالتفت وتوقفت ارى هل هذا لى ام لا ، فوجدته ناجى ، يرتدى ملابس القساوسة كاملة ويرتدى نفس الصليب الذهبى الكبير ، فتهللت اساريرى وسلمت عليه بترحاب شديد فقد سعدت فعلا برؤيته ، سالنى ماذا تفعل هنا فقلت له اننا زملائك نسكن هنا ، وسالته مالذى حدث ، فحكى لى ان ضغوط امه وابيه اشتدت ، وهو نفسه يحب هذا الطريق لكنه كان يريد ان يخوض تجربة الرسم والفن ، وهو الآن يخدم فى هذه الكنيسة ، لاحظت ان شعب الكنيسة من الشباب الذين يحيطون به ينظرون الينا وفى انتظاره ، فشكرته وتمنيت له التوفيق وطلبت منه وقتما يريد ليته يزورنا واعطيته رقم البيت ، وافترقنا ولم اره بعد ذلك ابدا ، لكنه ارسل الى طرد بالبريد فيه نسختين من الإنجيل .....


ذكرت من قبل أن هناك موقفين حدثا فى بيت عم محمد عبدالعزيز فى امبابة احدهم كوميدى والآخر كوميدى مرعب ، سأحكى هنا الموقف الكوميدى والمرعب مؤجل ، كنت فى زيارة للإسماعيلية ، وتقابلت كالعادة طبعا مع صديق الطفولة والعمر “عادل زيادة” ، وكان يمر بأزمة ، ويحتاج لتغيير المكان فترة فاقترحت ان ياتى معى ويقيم معى بضع ايام حتى تهدأ نفسه ، وسافرنا معا الى القاهرة ، تذكرت فالطريق شرط عم محمد ، ان الإيجار 6 جنيهات ، وسيصبح 8 لو سكن معى اى احد ، والميزانية لاتسمح طبعا ، فأتفقت مع عادل اننى سأقول له انك اخى ، ربنا يسامحنى ، وبالفعل حدث هذا ورحب الرجل ترحاب شديد ، ومكث عندى فترة ثم سافر ثم عاد واصبح من الطبيعى ان يمكث عندى اسبوع او 10 ايام ، الى ان جاء يوم ، واذا بعم محمد يطرق الباب ويقول لى عوزك فموضوع ، فخرجت له ، فقال لى بوجه عابس غاضب ، الشباب الجيران يثرثرون ان عادل هذا ليس اخى واننى اضحك عليه ، فانك ابيض وهو قمحى فرق كبير وهو قصير وانت طويل ، والغريب ان هذه الفوارق موجوده فعلا بينى وبينه وهى ايضا موجوده بينى وبين بعض اشقائى بشكل طبيعى ، لكنها ورطه ويجب ان اقنعه انه اخى فعلا والا اصبحت كاذب وربما يغضبه هذا الى حد ان يطلب منى ترك البيت ، ورطه كبرى ، فتذكرت بسرعة ولا اعرف كيف فكرت هكذا بسرعة ، أن عم محمد أمى لايقرأ ولايكتب ، ثم وهذا ترتيب عجيب ، اسمى فى البطاقة أحمد عبدالله زيدان ، واسم صديقى الحقيقى فى البطاقة هو زيادة عبدالله زياده ، فقررت المغامرة ، اما صابت او رحت فى داهية ، فأخرجت له بطاقتى الورقية القديمة وقلت له اعرف انك لاتقرأ ولا تكتب لكن على الأقل تميز الأشكال ، هكذا انا اسمى هو أحمد ثم عبدالله ثم زيدان وانا اشاور على الحروف فى البطاقة ، قفال لى تمام ، قلت له ثوانى فدخلت لعادل وقلت له هات بطاقتك وانا اتمتم الله يخرب بيتك ، وهو لايعلم مذا يحدث ، فخرجت لعم محمد وامسكت البطاقتين فوق بعضهما عند الأسماء ، قلت له اخى عادل اسمه الحقيقى زياده لكننا ندلعه باسم عادل ، وخبيت كل الكلمات ماعدا اسمى فى البطاقة أحمد واسم زيادة فى البطاقة ، هذا انا احمد ، وهو زياده ، قال تمام ، ثم حركت اصابعى بثقة على كلمة عبدالله فى البطاقتين وقلت له انظر هنا هذه الكلمة هى هنا اختها تماما صح ، وطولت فى شرح التطابق حتى يقتنع ، ثم سحبت اصبعى عن باقى اسمى وظهرت كلمة زيدان وقلت له هاهى زيدان ، ثم بحركة سريع سحبت اصبعى من على كلمة زيادة وهى اسم جد صديقى ولكن بعض الحروف متطابقة والأخرى لا ، وقلت له بسرعه وهاهى زيدان واغلقت البطاقتين ، اقتنع الرجل وضرب كف على كف ، ثم برطم يشتم شباب الشارع الى عوزين يكون بينا مشاكل 



وطبعا ليست هذه هى المصيبة فقط ، المصيبة ان بعد هذا الحدث ببضع شهور ، كان شقيقى الأكبر واسمه فعلا عادل “ رحمه الله” له بعض الأعمال فى القاهرة ، سيمكث فى القاهرة بضع ايام ، ولم اتوقع هذه المشكلة ابدا ، وطبعا شقيقى اولى بالمبيت عندى ، ماذا افعل فى هذه الكذبة ، ما الحل ، مشكلة كبيرة ، فقررت استعمال نفس الخدعة لكن بثقة اكثر ، فناديت عم محمد ، وعرفته على اخى عادل ، فتعجب ازاى اخين اسمهم عادل ، طبعا كلامه صحيح وانا النصاب ، لكن لابد ان تكتمل الكذبة ، قلت له اخى الأكبر اسمه عادل فقط ، اما الثانى كما قلت لك اسمه زيادة ونناديه بعادل لأنه نفس اللون الخمرى للكبير وكان هذا صحيحا فعلا من حيث اللون ، ثم طلبت من اخى بطاقته بثقة ، وفعلت نفس الفعلة النصابة لكن هنا كاشف الاسم كامل ، انظر هنا احمد وهنا عادل ثم عبدالله فى البطاقتين ثم زيدان ولم اخبئ البطاقات ليرى اكثر ، وقلت له هات ابنتك سمية تقرأ بنفسها لو تحب فضحك وقالى عيب اهلا بيك استاذ عادل نورت البيت ، فأصبحت رسميا نصاب محترف ، وكان فى بعض الأحيان فيما بعد يكون العادلين معى فى وقت واحد وعم محمد يرحب بهم ويتعامل معهم بمحبة وبساطة ، لكن ، الكذب مالوش رجلين طبعا ، وسأحكى بعد ان اقص المصيبة الأخرى لاحقا ، كيف ان الكذب مالوش رجلين ......

ملحوظة : يمكنك قراءة الجزء العاشر من هنا 


بقلم الفنان / احمد زيدان 
بقلم الفنان / احمد زيدان
الفنان / احمد زيدان 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات