القائمة الرئيسية

الصفحات

سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 3

 

الجزء الثالث : البدايات البكر

ملحوظة : يمكنك قراءة الجزء الاول من هنا

رأى فينا أستاذنا محسن حمزة مايمكن تنميته ورأى فينا موهبة تستحق الإهتمام ولم يبخل علينا ابدا سواء اثناء التدريس او اى وقت ، ونصائح الأستاذ عوض الشيمى بانك لو تريد ان تكون رسام ماهر فهذا سهل ، انما لو رغبتك ان تكون فنانا مختلفا ومميزا فعليك مع تنمية الرسم ان تثقف نفسك وليس فى تاريخ الفن فقط ولكن فى كل الفنون ، سينما مسرح ادب موسيقى ، هذا الأفق فقط هو مايجعلك مميز ومختلف وعميق.


سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 3


نمت علاقتى بحاتم بقوة وبسرعة منذ اليوم الأول ، واجزم بان علاقتنا كان لها تأثير كبير جدا فى طريقنا ، فهى دفعتنا بقوة الى الأمام فى الرسم والثقافة وكل شئ ، فكانت موهبتنا تقريبا متطابقة ، ونمت بيننا مايمكن ان يطلق عليه الغيرة الإيجابية ، لو فعلت شئ رآه حاتم جيد يغار ويفعل افضل منه ولكن يفتخر بما قمت انا به امام الناس وانا نفس الشئ بالتأكيد ، كان بيننا محبة فى الفن غريبة ، وبدأت رغبتنا فى ان نكون رسامى كوميك ستريبس تتراجع امام اكتشافنا لعالم الفن والرسم الأرحب والأكبر ، وتفتحت شهيتنا سويا على الدراسة وعشق تاريخ الفن حتى قبل ان نبدأ فى دراسته فى الكلية ، وبالفعل بدأنا نتحصل على اعلى الدرجات مع زملائنا المتفوقين بشكل عام ، وبدأت الثقة فى النفس تكبر.


مع اجازة منتصف العام طلب منا استاذ مادة تاريخ الفن ان نقوم بعمل بحث من 5 صفحات عن اى فنان او مدرسة فنية ، على ما اتذكر كان الأستاذ ابوصالح الألفى ، ربما تخونى الذاكرة ، وكان هذا موعدنا مع اول درس فى الكلية. فرحنا جدا بفكرة البحث وبدأ كل منا يفكر ماذا سيفعل ، فكان قرارى ان اقوم ببحث عن ليوناردو دافينشى ومايكل انجلو على اعتبار ان الفن الحديث يبدأ فعليا من عند اعتابهم ، وقرر حاتم ان يخوض فى بحث مختصر عن المدارس الفنية واهم فنانيها منذ عصر النهضة


 كانت اقدامنا قد عشقت سور الأزبكية وعرفنا كيف نجد مانبحث عنه ، فأشتريت نسختين من كتاب الهلال العددين الذين يحتويان على ملف لكل منهم ، نسختين من كل فنان ، وكان هناك عدد من مجلة اليونيسكو عن ليوناردو بحثت عنه واشتريته وبحثنا فوجدنا مقر بيع الكتب والمنشورات لليونيسكو فى شارع قصر النيل فى التحرير وذهبنا ولم نجد الكثير ، واشتريت الكتاب المنشور فى دار المعارف عن ليوناردو ، بل واشتريت كتاب كان قد وقع امامى كتبه فرويد عن دراسة خاصة لسلوك ليوناردو دافينشى الجنسى الشاذ، وطبعا الى مكتبة الكلية والتى كان مقرها مكان سكرتارية العميد حاليا وغرفة الإجتماعات ، وكان حاتم ينهل بنهم من العديد من الكتب والمراجع ، واكتشفنا بعض مكتبات وسط المدينة الأجنبية التى تبيع كتب عن الفن التشكيلى ، واتفقنا على ان نتشارك فى اى كتاب نشتريه لإرتفاع اسعارها ، وبدلا من ان اشترى انا وهو نسختين من نفس الكتاب ، يشترى كل منا كتاب مختلف وبهذا نكوّن مكتبة مشتركة بيننا ، فكانت البداية بكتابين من القطع الصغير من سلسلة دولفين ( Thames & Hudson ) الإنجليزية من مكتبة لاندروك بشارع شريف ، وكان الكتاب الواحد غالى الثمن ، كان بـ 95 قرشا ، غالى وقتها ، اشترينا ليوناردو والجزء الخاص بالتصوير عند مايكل انجلو ، ولكنها طبعا بالإنجليزية فتأجل استعمالهم فى البحث


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها



عكفنا على البحث وكتابته ، وانهل من هنا شئ ومن هناك شئ واقارن واسجل (بالتأكيد على قدر فهمى البسيط حينها ) واقص صور اللوحات والتفاصيل ومكثت ساهراً ايام اجازة نصف العام فى اخراج هذا البحث كما تمنيت ، والذى لازلت احتفظ به الى الآن ، وانتهيت منه فى مايقرب من 50 صفحة مع الإختصار ، اما حاتم فقد انتهى من بحثه فيما يقرب من نفس عدد الصفحات او اكثر فى روزليف انيق وايضا ملحق به الصور ، وكنا كل منا يتسامر مع الآخر فيما يكتب ، وافادنا بحث حاتم افادة كبيرة جدا فى ان نبحر فيما بعد سريعا فى المدارس الفنية كلها وفنانيها.


بشعور من الرضا والفخر ، سلمنا البحوث للدكتور ابو صالح الألفى ، وكنا نتوق ليوم التقييم ، فى اول اختبار حقيقى لمجهودنا وما اجتهدنا فيه بإخلاص ، لنحصل على مانرى اننا نستحقه بأن يشير الينا بالإسم امام زملائنا مادحا مجهودنا الكبير ، لأن باقى الزملاء الأعزاء قاموا بالمطلوب فقط تقريبا فى حدود الخمس ورقات ، وجاء اليوم ، وجلسنا فى المدرج ننتظر بشوق اى تلميح عنا بسذاجة مفرطه ، ولم يحدث ، ولكنه ترك الأبحاث على الطاولة بعد نهاية المحاضرة وعلى كل منا يأخذ البحث الخاص به وعليه الدرجة ، وليكن ، لم لا ، ربما كتب ملحوظة ما على البحث ممتنا للمجهود الذى بذلناه فى مادته ، فبحثت وحاتم واخذت بحثى انظر الى الدرجة بلهفة ، لأجدها 50 من 100 ، اى مجرد ناجح ، انقبض قلبى بشدة وصدمت صدمة عنيفة ، وخجلت ان اسأل حاتم عن درجته ، لأننى انا الخائب فينا ، وكان قادما ناحيتى وهو عابس حزين جدا ، سألته بخجل : اخدت كام ياحاتم ؟ ، فأجاب بصوت فيه صدمة : 50 من 100 ، قلت له انت ايضا؟ ، وكان يعتقد اننى حصلت على درجة اكبر فكان خجلا منى مثلى ، فضحكت بشدة وقلت له نفس درجاتى فضحكنا من هذا الموقف العبثى العجيب . 


قررنا الذهاب الأستاذ ابوصالح الألفى لمعرفة السبب ، وبصعوبة وقف معنا ليرد على اسئلتنا ، فسألناه كيف نحصل على هذه الدرجات المتدنية بعد هذا المجهود ، فقال ببساطه شديدة جدا وبلهجة العالم بالأمور والذى لايمكن لأحد ان يخدعه ، البحوث بتاعتكم مش انتم الى كاتبينها دى مسروقه او حد كاتبهالكم ، دى بحوث ناس كبار كنتوا اتعبوا شوية ولاداخلين تهرجوا فى الكلية (طبعا كلام فيما معناه وليس بدقة) ، أقسمنا بأغلظ الأيمان اننا من انتجها ، ولاحياة لمن تنادى ، وبإصرار طلبنا منه ان يمتحننا فيما نحن كتبناه كيفما يشاء ليطمئن اننا من قمنا بالبحوث ، فرفض بسخرية وتعجل ، وتركنا وذهب .


يا أهلا بأول صدمة عنيفة ، واول درس حقيقى من الحياة ، ليس دائما لكل مجتهد نصيب ، بكل اسف ، ويا اهلا بالحياة الحقيقية .......

ولكن هذا الإحباط لم يوقف شغفنا واندفاعنا للمكتبات والمتاحف والمعارض لفهم هذا الفن البديع والذى اصبحنا من مجاذيبه.


يمكنك قراءة الجزء الرابع من هنا 


بقلم الفنان / احمد زيدان 

الفنان / احمد زيدان
الفنان / احمد زيدان



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات