القائمة الرئيسية

الصفحات

سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 4

 

الجزء الرابع : أم عزة

ملحوظة : يمكنك قراءة الجزء الاول من هنا 


حصلت على سكن فى شقة مفروشة مشتركة مع زميل من فنون جميلة وصديقين من هندسة القاهرة ، فى شارع سليمان جوهر بالدقى ، وكان نصيبى من ايجارها مناسب ، فأنتقلت لها ، فكان اول بيت واول حى اسكن فيه فى القاهرة الكبرى, وفى زيارة الى اهلى فى الإسماعيلية بعد ان استقريت بها ، اعطيتهم عنوانى وسالتنى امى رحمها الله اى شارع تسكن فيه فى سليمان جوهر ؟ فتعجبت من السؤال لأننا لسنا قاهريين وطوال عمرى لم اسمع ان ابى وامى غادرا الإسماعيلية لأى مكان حتى الا بعد 67 ، فقلت لها فى شارع جانبى على يسار سليمان جوهر ، قالت لى اى شارع ، قلت لها ثانى شارع الى اليسار واسمه امام ابراهيم ، فسألتنى مرة اخرى اى بيت فى امام ابراهيم ؟ فتعجبت ولكنى ظننت انها مجرد تجميع للمعلومات ، فقلت لها ان الشوارع هنا مسدودة فى آخرها وانا اسكن فى آخر بيت على اليمين فى ثانى بلكونة ، فأبتسمت وقالت لى بعض اوصاف البيت وانا اتعجب مما تقوله ، سألتها كيف عرفتى كل هذا ، فقالت لى مفاجأة لاتصدق ، قالت لى اننى عشت فى هذا البيت وعمرى شهور ونفس الشقة ، فى حرب 1956 كان عمرى لايزال شهور وقامت حرب 56 ، فهاجروا الى القاهرة وسكنوا فى نفس الحى ونفس الشارع ونفس البيت ونفس الشقة ، واضافت ، وعلشان تبقى عارف احنا اشترينالك كفن واحنا هناك ، كان عندك سعال ديكى حاد جدا لاينقطع وانت عمرك شهور ولم يعرف الدكاترة كيف يوقف هذا السعال ، وقال لنا الدكتور احتمال الوفاة كبير ، لكن الله سلم.


سنوات كلية الفنون الجميلة جـ 4




كانت الشقة قريبة جدا من المتحف الزراعى الذى كنت اذهب اليه كثيرا فى اعدادى فنون مع حاتم لنرسم هناك دراسات للخيول لما يحتويه من تماثيل رائعة ، ولنا فيه ذكريات لطيفة جدا ، ومع الوقت اكتشفت ان الدقى بشكل عام احد اهم احياء الطبقة الوسطى والصعود الإجتماعى فى فترة الخمسينات والستينات والسبعينات فى القاهرة ، وفى منتصف السبعينات الثانى كانت هى مقصد العرب للسياحة والسكنى فى هذا الزمن ، وبالتالى فيه نسبة لابأس بها من عاملات البيوت والنظافة والخدمة وغيرها ، وكنت لأول مره فى حياتى اعتمد على نفسى فى كل شئ ، بما فى ذلك غسيل الملابس المشكلة الكبرى ، كان يوم الأثنين تنتهى فيه الدراسة مبكرا فأكون فى البيت حوالى الثانية عشرة ظهرا ، فأقوم فيه بهذا العمل المضنى ، وذات يوم بعد ان انتهيت من الغسيل واثناء نشره ، كان هناك بلكونة امامى منخفضة بدور تقف فيها فتاة يبدوا من مظهرها انها تعمل بالبيوت ، ظلت تحدق فى وانا انشر الغسيل وانا لا اعرف ماذا افعل فلم اكن جريئا ، حتى وجهت الى الكلام بصوت عالى وقالت تحب اجيلك ؟ فحمدت الله اننى اخيرا حصلت على من تقوم بالغسيل نيابة عنى ، فرحبت ، فقالت سأنهى عملى هنا واصعد اليك ، وبالفعل صعدت ومعها احدى صديقاتها بنفس الملبس والمظهر ، ولكنها ظهرت اكبر عمرا قليلا ، سالتها بخجل ولخبطة فهذا موقف يحدث لى لأول مره ، سنحتاجك يوم فى الأسبوع لغسيل ملابسى انا وزملائى ، فكم تأخذى ؟ ، فنظرت الى صديقتها التى تبدو اكبر عمرا وضحكا ضحكة لم افهمها ، فقالت يا استاذ احنا مش بتوع غسيل ونضافة ، احنا (Prostiutes ) وطبعا قالتها بالعربى ، اقصد باللهجة العامية.



قبل هذه اللحظة لم اجلس مع فتاة وحدى ابدا طوال حياتى حتى فى نادى ، وبالتأكيد لم يحدث فى بيت مغلق ، فمابالكم بموقفى وانا كنت شديد الخجل فى هذا الوقت ، انا فى شقة مفروشة وحدى مع اثنتين بهذه الصفة وهذه الجراءة ، انعقد لسانى ولم اعرف ماذا اقول ولا كيف اخرج من هذا الموقف المرعب ، سكت قليلا وبعد تفكير سريع ملخبط وجهت كلامى للتى كانت قد كلمتنى من البلكونة ، طيب هو ممكن اعرض عليكم عرض تانى اسهل ؟ ، وكان الأسهل فى رأسى يختلف تماما عن الأسهل الذى خطر ببالهم ، وسالت كيف؟ قلت لها اننى ادرس فنون جميلة ويمكن ان ارسمك عارية بدون ان تفعلى اى شئ وتأخذى نفس القيمة ، فسألت كيف هذا فشرحت لها انها ستجلس فى وضع معين وتستريح كل نصف ساعة حتى ننتهى من الرسم وسيكون معى زميلين وكل منهم سيدفع نفس القيمة ، سكتت قليلا ثم قالت ماشى ، ونظرت الى زميلتها فقالت لها لا طبعا انا محبش الكلام ده انتى حره ، وبالفعل اتفقنا على موعد واتى معى حاتم الشربينى وسعيد كامل صديق الدفعة والعمر ايضا ، وكان اسمها ام عزة.


ملحوظة : يمكنك ان تشاهد اعمالى الفنية من هنا سواء للمشاهدة فقط او للاقتناء, كما يمكنك التواصل معى عبر صفحة اتصل بنا او مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة فى حال رغبت فى اقتناء احد الاعمال الفنية او نسخة عالية الجودة منها


اتت ام عزة فى موعدها وكنا فى انتظارها انا وحاتم وسعيد ، وفى هذا اليوم لم يغادر زملاء السكن الى الجامعة ليشاهدوا هذا الموقف العجيب وكأنه موكب نقل المومياوات ، حتى بالنسبة لنا ، كنا لأول مره فى حياتنا ثلاثتنا تجلس امامنا امرأة Nude تماما لنرسمها ، ولكنا انا وحاتم كنا مفتونين بشدة بلوحات الـ Nudes لاوجين ديلاكروا و خاصة مدموزيل روز ، واحدة من اعظم اعماله وانجزها وهو تقريبا فى الحادية والعشرون من عمره ، ومن اعظم لوحات Nude من وجهة نظرى ، الى جانب دراسة للفنان المصرى محمد حسن لـ Nude رائعة ، ونحن طلبة فى كلية فنون جميلة وطبيعى ان نرسم Nude أو هكذا تصورنا ، (تم منع الموديل العارى فى كلية فنون جميلة منذ منتصف سبعينات القرن العشرين كموائمات من الدولة مع الجماعات الإسلامية التى بدأت فى الظهور فى عملية الفنية العسكرية والشيخ الذهبى ) ، فكانت مدموزيل روز ودراسة محمد حسن هى الموديل الذى نرغب فى ان نصل اليه ، فقررنا التدريب بالرصاص اولا ثم نرسمها لوحات زيتية ، على مايبدوا ان دراستنا ورؤيتنا للوحات عارية كثيرة الى جانب اننا كنا قد عشنا بقدر كبير من الإحساس بمعنى الفنان التشكيلى والمصور ، يبدو ان هذا كان كالمضاد الحيوى ، او اللقاح ، جلست معنا يومها تقريبا اكثر من 3 ساعات عارية امام 3 شباب مراهقين ، ولم نشعر ثلاثتنا للحظة بأى نوع من الإثارة ، ولم نفعل اى شئ الا الرسم بإهتمام شديد الى ان انتهينا ، واخذت ما اتفقنا عليه واتفقنا ان تأتى نفس اليوم الأسبوع الذى يليه ، وكنا سعداء جدا بالنتيجة التى خرجنا بها ، ولم يصدق زملاء السكن اننا مرينا بكل هذا الوقت بدون استثارة ابدا.



واتى يوم الأثنين الذى يليه ، وحضر معنا رابعنا زميلنا جمال البنا الذى كان رساما ماهرا ايضا ورغب ان يرسم معنا ، واتت ام عزة ، وخلعت ملابسها وجلست على الكنبة ولكنها القت فى وجهنا القنبلة ، لن تجلس كموديل ، اما ان تقوم بعملها الذى تحترفه ، او سترحل ، حوالى الساعة نحاول ان نثنيها عن قرارها ، بلا فائدة ، طب خدى زياده ، لافائدة ، شئ مضحك جدا وموقف كوميدى ، لينتهى الموقف بان لانرسم ، ونحبط ، وتذهب ولاتعود مرة اخرى أم عزة, وبهذا تكون اول تجربة لرسم Nude Model Life فى حياتنا كانت ونحن لانزال طلبة اعدادى فنون جميلة ، وتكون هى التجربة الوحيدة طوال سنوات كلية فنون .....


اضافة صغيرة ، بعد ان انتهينا من رسم ام عزة اصر زميل السكن محمد حسن ان يحتفظ بهم لنفسه ، ووافقنا على اعتبار اننا سنرسم غيرها كثير ولم يحدث ، وبعد سنوات سألت الصديق عنهم قال لى ياااه تصدق ضاعوا.....


يمكنك قراءة الجزء الخامس من هنا


بقلم الفنان / احمد زيدان 
الفنان / احمد زيدان
الفنان / احمد زيدان 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات