مؤخراً قمت بعمل دروس تعليمية مصورة و من ثم محاولة نشرها على المنصات التعليمية المختلفة, من ضمن هذة المنصات كانت منصة رواق و التى أرسلت لى عبر البريد الاليكترونى ليخبرنى القائمون عليها برفض المحتوى الذى أرغب بتقديمه لأنه لا يناسب المنصة, و هنا أرغب بالقول إلى أنه كم من مرات خلال حياتى تلقيت الرفض و على مدار حياتى لاحظت شيئاً لا أستطيع تجاهله بخصوص موضوع الرفض ذاته, و هو تأثير الرفض ففى بداية حياتى كان الرفض موجع و ذو تأثير عميق و لكن مع الوقت أصبح الرفض شىء سطحى و مُعتاد و ليس له تأثير مُؤلم, فعندما تلقيت هذا الرفض الاخير شعُرت حرفياً و كأن شخصاً ما أعطانى شيئاً مُستأذناً إياى كى ألقية فى سلة القمامة
دعنى أسالك سؤالاً هل تقيس نجاحك كفنان بعدد الموافقات التى حصلت عليها فى مساعى حياتك, أعتقد أنه لو كانت إجابتك بنعم فهناك مشكلة و المشكلة الاكبر لو كنت تأخذ الرفض بشكل شخصى, فقد يكون الرفض خارج تماماً عن نطاق سيطرتك أو حتى خارج نطاق سيطرة من قام بالرفض, فعالم الفن واسع و متطلباته متشعبه, فقد يكون إنتاجك الفنى الذى قمت بتقديمه أكثر من رائع و لكنك قمت بتقديمه فى مكان غير مناسب أو ان الجهة التى قمت بتقديم أعمالك لها عندها معايير مختلفة عن ما قمت أنت بتقديمه, فعلى سبيل المثال قد يكون فنك متضمناً رسم الاشخاص و الجهة التى استقبلت عملك لا تقبل بذلك, أو أن يكون صاحب الطلب غير جاد من الاساس, كما ان البعض يريد أن يأخذ مجهودك بشكل مجانى و قد تكلمنا عن هذا بالتفصيل فى مقال مفيد جدا بعنوان كيف يتم خداع الفنان
و لكن فى نفس الوقت دعنى أهمس فى أُذنيك بأنه لا يجب عليك تجاهل الاحتمال بأن مستواك الفنى قد يكون بحاجة الى تطوير و خصوصاً إذا كنت فى بداية الطريق, و لكى تأمن هذا الجانب أنصحك بقوة أن يكون تعلمك المستمر و تطويرك لمستواك الفنى هو مبدأ ثابت فى حياتك المهنية تقوم به على فترات متقاربة, فالمهارة بشكل عام سواء للفنان أو لغيره يندر أن تجد بها مبدأ الثبات على المستوى, فأنت إما تتقدم أو تتأخر, و بالمناسبة, أن تعمل على تطوير نفسك بإستمرار فهذا فى حد ذاته يعطيك ثقة عالية بالنفس عند مواجهة الرفض لأنه يحارب بقوة فكرة أن الطرف الآخر قام برفضك أو لم يتعامل معك بسبب ضعف مستواك, فعقولنا حتى بدون أن ندرى تبدأ فى تحليل أى موقف و محاولة التعرف على أسباب الرفض, فنحن كفنانين عندما يتم رفض أعمالنا أثناء التقدم لعمل ما أو للإشتراك فى مسابقة يبدأ تفكيرنا فى طرح السؤال القاسى "هل عملى الفنى دون المستوى ؟"
لذا يا صديقى الفنان أنصحك ليس فقط بالتعلم المستمر و لكن ببذل الجهد و تطبيق ما تعلمته و مقارنة أعمالك الفنية الحالية بإنتاجك السابق حتى تستطيع ملاحظة تقدم مستواك, أيضاً يمكنك مقارنة أعمالك الفنية بغيرك من الفنانين و لكن بحذر حتى لا تكون مقارنة سلبية, فأولاً قارن أعمالك الفنية بأعمال الكبار من الفنانين الذين ينتجون نفس نوع الاعمال الفنية التى ترغب بإنتاجها, ثانياًعند عقد المقارنة إجعلها كأنها نوع من الدراسة كملاحظة كيف أن هذا الفنان قام بمعالجة هذا الجزء الذى تواجه انت فيه مشكلة أو لست راضٍ عنه تمام الرضى, و بالطبع تجنب المقارنة العاطفية و التى هى عبارة عن مشاعر سلبية مثل الحسد أو الاحساس العميق بالمسافة الكبيرة فى المستوى بينك و بين هذا الفنان
و الأن صديقى الفنان دعنى أختم المقال بأن أتشارك معك هذة القصة الشخصية القصيرة, فقد قمت بتقديم أعمالى الفنية فى إحدى السنوات الى قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة المصرية بهدف الاشتراك فى محفل فنى ضخم يُسمى بـ صالون الشباب و إجتهدت قدر الإمكان ليس فقط فى الأعمال الفنية المُقدمة و لكن أيضاً فى عملية التقديم ذاتها, فهى عملية ليست بسيطة و بها الكثير من الخطوات المعقدة و التى تتطلب قراءة متأنية و تحضير جيد لكل خطوة حتى إنهم طلبوا منى قرص صلب أو ما يُسمى بالـ سى دى عليه صور رقمية لاعمالى الفنية التى أنتوى التقدم بها, بل و أعتقد أنهم و ياللعجب مازالوا يستخدمونه حتى الان, و اتذكر أن الفتاة التى إستلمت منّى إستمارة الاشتراك و الاعمال الفنية قالت لى مبدية إعجابها (يظهر إنك قرأت التعليمات بشكل جيد) فأستنتجت ان كثير من الفنانين المتقدمين يغفلون بعض التعليمات مما يضطرالقائمين على الاستلام بأن يراجعوا ما تم إغفاله ثم يقومون بإعادة توجيههم لاستكمال المفقود, و بعد التقدم للاشتراك فى المسابقة بفترة إستلمت الرفض مما أصابنى بالإحباط و لكن عندما ذهبت الى المعرض يوم الافتتاح و شاهدت ما تم قبوله من أعمال فهمت جيدا لماذا تم رفض اعمالى, فيبدو ان لجنة التحكيم بشكل عام لها إتجاه مخالف تماماً لما أقدمه من إنتاج فنى بحيث بدى لى أنه من المستحيل أن يتم قبول أعمالى لا فى هذا العام و لا فى غيره إلا إذا قررت أنا تغيير إتجاهى فى الفن و هذا ما لا أنتويه .
بقلم الفنان / مروان جمال
 |
الفنان / مروان جمال |
تعليقات
إرسال تعليق